صحيفة اوان

مجلة مبرات التضامن التي اصدرت عام 2016

جمعية التضامن على الفيس بوك

شعيرة الاعتكاف في جامع الشيخ عباس الكبير

#

 

من ذاكرة مــدينة الناصرية ... عطّر وأخلاق ... عاش فيه متواضعا وصاحب عزّت نفس

Thu , 2016/12/08 | 07:12

أسعد الحسيناوي /مركز التضامن للإعلام:

في الناصرية يتنصر العطر في نصرة محبيه وأهلها ، وفي الناصرية ينتصر النصر حتى على نفسه حين حرب الفقراء والعشاق فيه غراما واحلاما واغنيات السنين ، وفي الناصرية القلوب مهما استطالت فيها الدروب يظل نبضها موسيقى جنوب وهوى الحبوبي. 

التواضع والطيبه والاخلاق والهدوء كلها اجتمعت في شخصية واحده . رجل كان يحمل على عربته ابتسامة إلى قلوب أهل مدينة .

 عاشه شريفا ومات شريفا لم يؤذي أحد أو يعتدي بنضره على أحد . وبقى في عزت نفسه وكرامته حتى وفاته ، كتب عنه الأستاذ نعيم عبد مهلهل ، قائلا :

 

 

 

شريف جلاب البيضاني ابو كريم 

عربة المسبحة والعطر والجمال تؤثر المدن بعاطفة الناس ، ولكن في بعض المدن عاطفة الناس وهي من تؤثر في المدن ، واهل الناصرية هم من يؤثرون في عاطفة المدن حيث نقاء النفوس كما نقاء قطرات المطر وحيث القلوب تفيض مودة ومحبة مع بعضها ، وحيث جفن ابن الناصرية جهة الضوء فيه نبض قلب جاره او صديقه. وكل من عاش هنا أرخ في نبض قلبه تواريخ ازمنته من الطفولة الى لحظة الكهولة . وكل هؤلاء هم سدنة هذا المعبد الكبير ، الذي احتفى بالوجوه الجميلة روحا ومحيا

 

. المرحوم ( شريف جلاب البيضاني ) ابو كريم الذي كانت الناصريُة جيدا عبر محطة وقوف عربته في سوق العبايجية هو احد تلك الملامح التي تعطرت بشذى المكان الذي تواجد فيه منذ طفولته وحتى وفاته رحمه الله في السوق المزدحم بالمتسوقين واغلبهم من النسوة اللائي يتجمعن قرب محل المرحوم قاسم القماش. أبو كريم يمثل لمدينته خصوصية رائعة لذلك الوجه الكادح المرتسم بأجمل ملامح التواضع والطيبة والاخلاق حيث تعودنا على هدوءه وفي ذات المكان الازلي مع عربته أمام خان المرحوم الحاج علوان الريس والذي يفتخر أنه ربى جميع ابناء هذا الوجيه واغلبهم من الذين يحملون الدكتوراه عندما ظل يجاور المكان بائعا للسِبح والعطور والمناديل وبعض الكماليات البسيطة. 

 

هذا المكان الذي تواجد فيه المرحوم ( شريف جلاب البيضاني ) اعطاه خصوصية ليبقي وجهه مرسوما في اجفان وذاكرة المتبضعين في زحمة امسيات العيد والمناسبات والايام العادية ، وطوال عمره الذي ابقاه رهين هذه العربة ورزقه عاش في عزة نفسه وكرامتها ومسار تحركه اليومي طوال هذه السنوات الطوال بيته في شارع الحبوبي قرب مدرسة آمنة والمكان الذي يوقف فيه عربته ليمارس رزقه ، ليمثل في موقفه وجمالية طقوسه مع المكان الذي لم يفارقه إلا مع الموت ، يمثل تلك الذات الرائعة التي تؤمن بقسمة الله في أيمانها أن الحياة مع هذا المكان ومحليته واناسه هي من بعض متعة الرجل في القناعة أن حياته مرسومة في هكذا سيناريو رائع. اعتدنا على وجه ابو كريم في كل مساء وهو يصطف ببضاعته امام المحل الذي نجلس في ناصيته كل مساء محل التربوي الرائع وفقيد الناصرية الطيب ايوب يوسف جساس واخويه المرحومين يعقوب وعلي يوسف جساس ، ومعنا صُحب طيب انتظم ولسنوات في الجلوس اليومي في هذا المكان وكانت لنا معشر طيب ومموادة مع ابو كريم وهو يجاور حكاياتنا ونقاشاتنا ويتدخل في الحوار عندما يشعر ان رأيه ينبغي أن يُطرح.

 

 ملامح المرحوم شريف جلاب هي ملامح الناصرية في تفاصيل ذكريات يومها ، طيب وهادئ وتستأنس الى هدوء نظرته وبساطته. عاش شريفا ومات شريفا ، وطوال حياته لم يؤذ احد او يتعدى بنظرة على احد او يأخذ غيبة احد.فقط استشهاد ولده كريم هو من صنع فيه الالم وقوس في ظهره وعمق حزنه. مسالم وهاديء الطبع وحركة يومه منذ ان كد في الحياة تمتد بين بيته في الزقاق الواقع امام السياج الخلفي لمدرسة آمنة الابتدائية ومكان عربته التي هي مصدر رزقه. 

 

احبه آل علوان الريس لان كان ظل لطفولة ابنائهم حين كان الحارس الامين لهم عندما كانت عربته في باب الخان . وأظن ان مع موت هذا الرجل الطيب فقد السوق الكثير من نكهته ، فقد كان هو والكثير من اصحاب المحلات يمثلون السحر اليومي لحياة سوق العبايجية في كونه من بعض الرئة الاقتصادية للمدينة. الى ذلك الرجل الطيب ( ابو كريم ) والى مسبحات عربته الملونة .الذكرى تشع تحت اجفانك تحيات المدينة اليك ايها الطيب.

 

من ذاكرة مــدينة الناصرية ... عطّر وأخلاق ... عاش فيه متواضعا وصاحب عزّت نفس