صحيفة اوان

مجلة مبرات التضامن التي اصدرت عام 2016

جمعية التضامن على الفيس بوك

شعيرة الاعتكاف في جامع الشيخ عباس الكبير

#

 

من ذاكرة تأريخ مدينة الناصرية ... حزن رحيل الرجل المؤمن

Mon , 2016/12/05 | 11:22

أسعد الحسيناوي /مركز التضامن للإعلام :

من أيــام الماضي وعبر أوراق التاريخ لمدينة الناصرية ، هناك شخصيات طيبة ووجوه مستبشرة بالخير لم تغب عن الذاكرة حتى في غيابها ،وجوه تحمل تحت اجفانها هدوء النظرة وطيبة القلب ، وجوه نستشعرها دوما ونحتاج الى بشارتها لنعيد بعضنا البعض لوهج الحنين فينا، من تلك الوجوه، شخصية بّكت عليها المساجد والمصلين فيها ، هو المغفور له السيد قاسم السيد هجر ، كتب عنه الاستاذ نعيم عبد مهلهل ،قائلا:

 

للناصرية وجوه تصبغها سماحة الروح المؤمنة ، ويفيضُ تحت اجفانها نبع الهدوء والطيبة ، فتشكل في ملامحها الهادئة والمؤمنة جزء من خصوصية روح المدينة وتواريخها

 

 . ومنذ أن وضع الطين والحجر أسسها ، وتفيأت كرامة ببعض الوجوه الطيبة والحالمة والملهمة والمنتسبة الى اصول الحكمة والنبوة والعلم والفقه ، وحين نفقد في قدرية العمر واحدا من تلك الوجوه الكريمة نحس بفقدان وحزن غريب بعد أن كانت تلك الوجوه تضيء بفوانيس المحبة والنصيحة والشرع ، فنذرف دموع حسرة وتلبس المدينة ثوب حزنها الاسود واحد من احبة شوق المدينة وصوتها العلوي المتدفق طيبة وسكينة ومعرفة هو السيد قاسم هجر المفضل ، قامة المعرفة والرجل المتعبد ، والهادئ بفتوى حلم الدين في تشريع اليفين والمتمثل لفتوى مرجعه وممثله

 

 . السيد قاسم هجر المفضل يرحل عنا بعد عمر من التقوى والصلاة التي تلهم فيه قرب مودة السماء واشراقة طيف النبي وعطر وجود أئمة المذهب ، فكان نصيرهم ومتقدم لاهل المدينة في مبتدأ الصلاة ومعه كان الناس تفتش عن اجوبة الشرع والتكفل بما كان يعتقده واجبا شريعا ان تؤم الناس اليه بشيرا لأحلامها وعارفا لأمانيها ، وتحت عبائته يلتحف الفقراء والبسطاء ومن يعتقدون انه رجل يجتهد ويحب الاخير وفي محياه وابتسامته الخجولة صورة الوعي والاخذ بيد المحتاج والافتاء بما يخدم الناس في حياتهم. رجل احب الدين ، فقرأ وأجتهد ، وابقى لوجوده في صلابة الموقف مهابة حتى عندما كانت السلطة تطارد خطواته وتعتقل ابناءه ، وربما بسبب صلابة مواقفة ومرونته في تقبل كلما يتعرض له بقلب واثق وجسد صبور نال احترامها في بعض الفترات وتركته يفتي بالخير ويمد يد العيون ويجمع خمس المسلمين ويوزعه بين المحتاجين بتفويض من ابيه الروحي وقدوته في الحياة اية الله السيد علي السيستاني دام ظله. عاش السيد قاسم هجر حياته قويا ومؤمنا ، وفي تلك الصفتين احتفى بطيبة خاطر وهدوء وراحة بال في عمره الطويل ولم يتغير فيه ثبات المبدا وانتماءه للدين والمذهب . فكانت الثمانون حولا واكثر ، هي ثورة الورع والتقية التي تعلمها من تربية البيت القائمة على حب العلم ورغبة ابيه ليكون ولده مثلا للاقتداء في حب ال البيت والغور في بطون الكتب التي كان السيد قاسم هجر يعتقد ومنذ صباه انها تقوده الى امتلاك الوعي والفهم والرؤية الدينية والدنيوية .

 

 وهو القائل لمريديه وزائريه وطالبي الاجابة فيما يسألون : أن الدين فينا عقل الروح في نورها ، ويتزين هذا النور بالمذهب وانبياءه وصحابته وشهداءه ومحبيه. لاكثر من ستين عام اتخذ لمجلسه نهارا في مقر عمله ورزقه بزازا في سوق الصريفين القريب من شارع الحبوبي. وفي هذا المكان صنع له تكية الولاء للناس ، فكانوا يأتون اليه جلوسا ووقوفا ومن جميع مدن المحافظة ، بعضهم زبون لشراء حاجته ، وبعضهم يحمل اسئلته وحاجته . وبين تنوع حاجات الناس الذين يؤمون الى محل رزقه تجد الرجل واقفا بطوله الفارع وابتسامه عينيه من وراء نظارتيه يودع ويستقبل .هناك من يجلسه وهناك من يظل واقفا لكثرة الحاضرين وضيق مساحة دكانه

 

 . وفي البيت ذات المضافة تستقبل في كرم ضيوف جدد ،وفي الليل هو يتحول ضيف في مكتبته ليقرأ ويكتب ويتحدث مع ابناءه في وصايا التقوى والانتماء الى الدين والوقوف في وجوه الظالمين. ارخ الفقيد السيد قاسم هجر لحياته مجدا من العز والاعتداد وكبرياء الرجل البسيط والواثق من ان الايمان هو وجه البشر امام الله. أنه الصورة الاقرب لذاكرة المؤمن قي ذكرياتنا ، الحالم بتعابير الرؤيا في حب ال البيت والفقراء. لك مودة قلب من اصابه الحزن لفقدانك ورحيلك بيننا .

 

من ذاكرة تأريخ مدينة الناصرية ... حزن رحيل الرجل المؤمن