صحيفة اوان

مجلة مبرات التضامن التي اصدرت عام 2016

جمعية التضامن على الفيس بوك

شعيرة الاعتكاف في جامع الشيخ عباس الكبير

#

 

من صباحات القيصرية في مدينة الناصرية وجماليات الكشيدة... وجه مضيئ!!!

Wed , 2016/12/28 | 08:51

اسعد الحسيناوي/مركز التضامن للإعلام

وجها طيبا مضيئا بالسماحة والابتسامة ، رجل ولد في مدينة الناصرية وورث مهنته من آبائه وعاش حياته الاجتماعية بين أهل مدينة وجيرانه ، أسلوبه الطيب وحلاوة لسانه جعلته مصدر ثقة الناس فيه، كتب عنه الاستاذ نعيم عبد مهلهل تحت عنوان(صباحات القيصرية وجماليات الكشيدة) ، انه:-

 

 

سيد حسن تقي القماش

 

الرؤى في الرواية أنها بعض اطياف نتمناها في التخيل أن تعود حتى نراها ، وهي حتما وجه غابت بين طيات ثياب الازمنة ، طال عمرها ورحلت أم ان قدر طاريء جعلها تغيب عنا .

وأظن أن الناصرية هي مدينة للوجوه التي ابقت عطر ملامحها في ازمنتنا عبر الرؤية والحس والاشتياق . وجوه معبرة عن اصالتها وطيبتها وحنانها لتكون معنا بعض حلم أنها باقية ليس في البومات الصور بل مع نبضات القلوب.

أضع تلك الرؤية عند ما اراه حين اتذكر وجها طيبا لانسان حميمي وله ملامح ضوء الوقار والخلق الكبير وهو يطل بكشيدته الحمراء في صباحات القيصرية وجها مضيئا بالسماحة وعطر ابتسامته لجيرانه من البزازين وهو السيد المبجل والدافيء في علاقته معنا السيد حسن تقي القماش ( 1907 ــ 1993 ) .

سيد جليل توارث المهنة عن ابائه وخاص في مودته وخبرته مع الوان القماش وانواعه والذي كان يستورده من شتى البلدان ونسج في طيبة معاملته وجمالية شكله المتوشح ببياض غريب مع نظرات زبوناته عبر اجيال لاتحصى كن يثقن في حلاوة لسانه وطيبته وصدقه في التعامل واختيار البضاعة الجيدة .

وطوال اكثر من ثمانين عام انسجمت اصابع السيد حسن تقي مع نعومة القماش من الموسلين حتى الموهير ، وربما اجفانه نسجت مودتها بشكل غريب مع خيوط اطوال اقمشته فصارت حياته هو يومه الابدي بين بيته الذي يقع في زقاق عريض قرب سينما الاندلس الشتوي الى محله في قيصرية القماشين مجاور تماما لمحل المرحوم احمد العثمان .

ولم يغادر تلك المسافة بين البيت والمحل سوى تلك الايام الذي يذهب فيها حاجا الى مكة المكرمة او الى زيارة مراقد الائمة ، وهناك ساعة في يومه يذهب به الى سوق الصفاة القريب للتسوق ليمر علينا ونحن نجلس قرب محل المرحوم ايوب يوسف جساس ليرفع يد التحية ويبدا بأطلاق مزحته المسائية وخاصة عندما تقدم المرحوم ايوب جساس ليطلب يد واحدة من كريماته . 

ولم يتوقف ذلك المرور اليومي للسيد إلا عندما كبرت معه السنين وصار مشيه بطيئا فأخذ مهمة التحية المسائية لنا بدلا عنه ولده الطيب والصديق صاحب حسن ( ابو محمد ) وهو الابن الوحيد الذي لازم والده وسكن معه وصار يدير اعمال المحل يوم شعر السيد بعجزه عن ذلك بعد ان هاجر ولديه الاخرين رعد وسعد مبكرين واظن ان احدهما هاجر الى دولة الامارات منذ سبيعينات القرن الماضي.

سيد حسن تقي القماش صباحات القيصرية وجماليات الكشيدة هي صورة الزمن الموشح بتألق ذلك الامس في المكان الذي لم يعد ماكان لأن سدنته الطيبين غادورا الى العوالم الاخرى وبقي ابنائهم يرثون سحر المكان ولكن حتما ليس كما ذلك المذاق الاسطوري لمساء عباءات النسوان وجوكة اهل العروس القادمين من الريف لشراء مهر عروسهم ، وذلك الطقس اليومي الذي يمر فيه المرحوم ابو عادل الكهوجي على المحلات ليحاسبهم على ماشربوا من شاي طوال نهار كامل.

هذا السيد الجليل كان من بعض خصوصية المكان في سحره وجماله ويومه الذي كان يرسم ايقاع حياة الناس الكسبة وهم يحثون الخطى في طرقات الحياة من اجل ابقاء ذلك اليومي السومري نقيا وجميلا ليؤثث للمكان لوحة من جمال الوجوه والنفوس وحتما كان وجه سيد حسن تقي هو من بعض تلك الوجوه التي كانت ترى فيها محلات القيصرية بركة ومحبة وطيب.

سيد حسن تقي القماش صباحات القيصرية وجماليات الكشيدة هي الصورة المميزة في أرخنة اليوم الناصري البعيد عندما ابتدأ به هذا السيد الجليل حياته العملية منذ منتصف عشرينات القرن الماضي وحتى وفاته رحمه الله.

 

من صباحات القيصرية في مدينة الناصرية وجماليات الكشيدة... وجه مضيئ!!!

من صباحات القيصرية في مدينة الناصرية وجماليات الكشيدة... وجه مضيئ!!!