صحيفة اوان

مجلة مبرات التضامن التي اصدرت عام 2016

جمعية التضامن على الفيس بوك

شعيرة الاعتكاف في جامع الشيخ عباس الكبير

#

 

شـاهد...عالم ديني جعل مدينة الناصرية تراث للأجيـال

Tue , 2017/01/03 | 05:59

أسعد الحسيناوي/مركز التضامن للإعلام

 

لكل مدينة تاريخ وتاريخ المدن يدونه أبنائها ،ومدينة الناصرية ،شجرة مثمرة بالتاريخ ، عالم ديني جعل أبناء مدينته يتذكره في كل يوم لماقدمه إلى أبنائها... آيه الله الشيخ عباس الخويبراوي الناصري ..كتب عنه الأستاذ نعيم عبد مهلهل ،قائلا:-

 

آية الله الشيخ عباس الناصري

سدرة البيت وتقوى الرجل الفقيه

نعيم عبد مهلهل

 

في مقال قديم كتبته في كتابي الاول عن الناصرية  والموسوم ( الناصرية مواويل أور وعكد الهوا ) وكان عنوان المقال  ( سدرة بيت الشيخ عباس ) .

تحدثت عن ذكريات ذلك البيت الجليل وتلك السدرة الخضراء الكبيرة التي كانت تتوسط باحة بيت الشيخ عباس القديم والواقب قرب منطقة الصفاة ، حيث تاتي المواكب الحسينية وتدخل تباعا وتدور حول شجرة السدر ثم تتوجه في تكملت سيرها صوب شارع الحبوبي القريب من البيت .

وكان في مقدمة البيت على جهة اليمين غرفة استقبال طويلة يتوسطها المغفور له اية الله الشيخ عباس الخويبراوي ــ الناصري ( 1312 هجرية ــ 1386 ه ) وهو يمد يده يتلقى قبلات المشاركين في المواكب فيما جلس عدد من مريديه الاقريبين وخاصة وابناءه ليستمعوا منه الى سحر حديث الرجل الفقيه والهادئ وهو يعطر مسامعه بأناشيد الطقوس الحسينية وعوذبة صدى الردات ولم ينزعج من صخب المواكب وعلو صوت مكبراتها .

هذه العائلة ظلت وطوال عقود عيشها في قلب المدينة تمتلك علاقات مثالية مع المدينة وحافظت بكياسة وعناد على مبادئ أبناءها والالتزام بالإرث الديني والعقائدي المتوارث فيما بينهم ،وربما وفاة آية الله الشيخ عباس الخويبراوي ــ الناصري رحمه الله ، وتخليف ولده الأكبر أية الله الشيخ محمد باقر الناصري ادخل رؤى العائلة وتوجها في اتجاهات جديدة ليشكلوا في تأريخ المدينة صناعة لمتغيرات كثيرة في حياتها عبر رؤى الدين ومراحله الجهادية .

 كان الشيخ الوقور يجلس ونمر نحن الاطفال امام عينيه ونتخيل بهيبة وخوف تلك الملامح العميقة وهي ترتدي عمامتها البيضاء فلا نبحر مع عمقها ربما لان ادراكنا لم ينضج بعد ولكننا كنا نراقبها بدهشة ومن هو جريء منا يتقدم اليه مع الجموع ويقبل يده.

ذلك الزمن ذهب بعيدا ، لكن ذكرى الشيخ الورع ظلت تنقش في صدى ازمنة المدينة صورا وكلمات ومحاضرات كان ابو محمد باقر يلقيها على مسامع الناس ليعفوا الطرق المضيئة لصلاح الروح والبدن.

احبته المدينة وسعت تمشي وراءه منذ بواكير الفجر وهو يذهب لجامعه الكبير الذي بناه في سوق الصفافير في ستينيات القرن الماضي ، وكان ملتقى حميما لابناء المدينة ، حيث اسس ولده الكبير مدرسة وجمعية التضامن الاسلامي في احدى اركان الجامع . وكنت في الصف الثالث الابتدائي عندما اخذني والدي للتسجيل فيها تلميذا وكان مديرها رحمه الله افنديا نسيت اسمه ولكن ولده احد لاعبي منتخب المحافظة بالشطرنج واظن انه معلما الان وكان بيتهم بجانب بيت المرحوم عبد الله مشكور قرب محل المرحوم ابو حمزية.

هناك كنا نرى الشيخ عباس رحمه الله يجيء بمشيته البطيئة وسمرته الحنونة ليسأل عن مستوياتنا .في تعلم العربية والتلاوة والتجويد .

شكل حضور المرحوم آية الله الشيخ عباس الخويبراوي في مجتمع المدينة حضورا كبيرا كونه المرجع الاعلى رتبة في الاجتهاد في الناصرية في ذلك الوقت وربما هو الاول من نال هذه المرتبة الدينية والدنيوية لتحتفي المدينة بوجوده عالما فقهيا واظن ان من الذين نال من بعده تلميذا له واصبح مجتهدا ونال مرتبة آية الله هو تلميذه اية الله الشيح المجتهد اسد حيدر صاحب الكتاب المهم ( الامام الصادق ع والمذاهب الاربعة ) .

يوم صعدت روح الشيخ الجليل آية الله الناصري الى الباري القدير ، شهدت المدينة واحدا من ايامها المضطربة حيث هبت الناصرية عن بكرة ابيها وهي تحمل نعش شيخها الفقيد وقد ملأت حينها صوره كل جدران المدينة .

تأتي رحمة القلوب وسحر ذكريات تلك الوجوه تمثل للمدينة شيئا روحيا في تواريخ ايامها القديمة ليأتي معها وجه الشيخ عباس الناصري يضيء بنور يؤطر تلك التواريخ والذكريات.

 

شـاهد...عالم ديني جعل مدينة الناصرية تراث للأجيـال