اسعـد الحسينـاوي /مركز التضامن للإعلام
فقدت مدينة الناصرية هذه الأيام الرجل الطيب صاحب الأبتسامة الدافئة ، بصمات عاطفته ومودته على كل وجوه من معه في ديوان مديرية التربية ،الاستاذ ظاهر حبيب ،كتب عنه الاستاذ نعيم عبد مهلهل قائلا :-
ظاهر حبيب
ذكريات القلب الطيب في ديوان المديرية
نعيم عبد مهلهل
الناصرية وجع الطريق الى نافذة القلب حين يكون الشوق رحيل طائر أو خفوت نجمة أو أنطفاء شمعة ، أنها مدينة تعي الشوق قبل العشق ، وتعي المودة قبل العناق ، وتعي الابوة والامومة قبل كل عاطفة .
تبكي وتضحك وتنحب وتهلهل وتصبح مجنونة عندما تلتقي دمعتها بدمعة ابنائها أو عندما تصبح ابتسامتها سجادة لطريق احدهم في سفرهم واغترابه وعودته اليها . أنها مدينة لاتحتاج الى طوابع فوق مظاريف رسائلها لآنها تتحول الى ساع لبريد احلامنا يوم نتمنى الاستذكار واستعادة وجوه غائبة او تلك التي يكتب يقدرها ان ترحل في هذا اليوم ، وحتما منذ ازلها البعيد ، الناصرية مرثية للدمعة والشوق والحب عندما ترى نعش على الاكف يقول : وداعا مدينتي .
أكتب هذا ويؤلمني خبرا أن صديقي ورفيق اجمل ايام الوظيفة الحاج ظاهر حبيب ( ابو ميادة ) قد فارق الحياة مودعا وجه اهل بيته واصدقائه واحبائه الذين كانوا يرون فيه العاطفة المفتوحة الاذرع والنوافذ والرجل الذي لاتفارق الابتسامة والمزحة وجهه.
عشت معه منذ ايام عمله الوظيفي في تربية ذي قار ، كان هو والصديق ابو مسار عدنان عطية ونعيم جولان يديرون قسم التخطيط وهناك يتكاثر المزاح والعمل وربما ابو ميادة كان لولب كل تلك الايام التي صنعت من الذكريات اطياف حلم لصباحات كان فيها ظاهر حبيب الوجه المشرق والدافيء والذي يصنع عاطفة مودته على كل وجوه من معه في ديوان مديرية التربية.
وكان له مجلسا رائقا في بدء الدوام يجتمع فيه لدقائق اول الصباح في غرفة الاستاذ منشد عبد مكطوف مدير الحسابات حيث يستعيد الجميع مع ضحكات ومزاح ابو ميادة تفاؤلَ يوم عمل جديد .
يوم قرر ظاهر حبيب الانتقال الى بغداد واظن الى مديرية التعليم المهني افتقدنا وجها ناصريا صبوحا كان ينتمي الى عائلة عشقت وجودها في المدينة منذ أن شاع في الوسط الناصري عطر شاي قهوة المرحوم حبيب الله والتي مثلت مع بعض المقاهي تاريخا حضاريا لاحلام ارائك ابناء المحافظة في مودتهم مع الحياة ورغبتهم في جعل المدينة ايقاعا لتفاصيل ان تكون تلك الارائك نافذة الذهاب الى الحلم الممكن ، تلك الاحلام التي سكنت قلب ظاهر حبيب لتجعل روحه متحضرة وانيقة وتتمنى دوما سياحة السفر ومجالس الوفاء والسمر العائلي مع اصدقائه ومحبيه .
وأتذكر انه في واحد من الاعوام نظم لنا سفرة الى مصائف الشمال . فكان السفر معه لذة من الكرم والضحك والسياحة الجميلة التي اضطره في المرحوم ابو ميادة ليدفع من جيبه ليكمل لنا اجور المبيت في احد فنادق شقلاوة.
ظاهر حبيب الذي صادفته مرة في شارع المتنبي يمثل ظاهرة ساحرة من طيبة ونقاء الرجل الطيب ، واظن انه في وجوده وعيشه في بغداد كما حريصا ليلتقي ابناء مدينته ويتواصل معهم وخصوصا مع صديق عمره الصديق رعد سعدون والاخرين من ابناء الناصرية الطيبين ، ولا ادري ان كانت كتبي التي كنت اهديها للرائعين من ابناء الناصرية من سكنة بغداد تصل اليه أم لا ؟
المهم ، هذا الرجل المتشح بالابتسامة البيضاء رحل عن عالمنا الآن ، ورحلت معه نوارس ذكريات قديمة كان فيها يمثل نكهة لأساطير تلك الصباحات يوم كان موظفا بقسم التخطيط واظن انه انتقل للقسم المهني بعد ذلك.
الآن روح ظاهر حبيب تسكن افياء الرحيل ، ويتوهج فيه صدى صوت ضحكته وينبعث من ظلال امكنة الامس نور قلبه المعطر بذائقة الانسان الطيب والمتسامح والمحب للسفر .
الحاج ظاهر حبيب توفاه الله . ولكن ذكراه تسجل في عاطفة اجفانه احلى الصور لذلك القلب الطيب.