التصوير :
عرف المصور في العهود القديمة ب((العكاس)) نسبة إلى العكس الذي هو الصورة قد يعبر عنه بالرسم أيضا . كما أن التصوير واحد من نتاجات مصهر ضخم صهرت فيه أشكال الفنون السابقة للاسلام واللاحقة له وتبلورت من جديد مكونة أساليب جديدة ذات صفات متميزة خاصة بها ولقد كانت تلك الإبتكارات التصويرية ((عربية))حقا بالمعنى المحدد للكلمة.
علما أن التصوير بدأ يأخذ أبعادا أخرى فبدلا من رسوم رموز القوة والامتيازات التي كان يتمتع بها الحكام نجد اهتماما شديدا بواقع الحياة اليومية الخاصة بها وبدلا من الميل نحو الخلود ظهر تفضيل للحركة والعمل وباقي جوانب الحياة الأخرى ولا تزال أقدم التصاوير التي ابتدعت في الحضارة الإسلامية محفوظة على نطاق واسع على الجدران الداخلية لقبة الصخرة في القدس. وترى في هذا البناء الفسيفساء الزجاجية تغطي الأجنحة ودواخل القبة وليس هناك شك في أن هذه الفسيفساء إنجاز فني كبير وان تأثيرها بالغ الأهمية أيضا .
ومثلما انتشر فن التصوير في العراق كان هناك في مدينة الناصرية ممن مارس التصوير وخاصة في بداية القرن الماضي وبعدها ولقد ترك هؤلاء المصورون بصمات واضحة في هذا المجال رغم تواضع إمكانياتهم التصويرية أن لم نقل انعدامها على العكس مما نجده اليوم من تقدم وحداثة أجهزة التصوير وعلى الرغم من ذلك نجد ان المصورين الرواد قد تفوقوا على أنفسهم من أجل خلق صورة جميلة تظهر إمكانية وابداع كل واحد منهم. لان ممارسة التصوير عندهم كان لإشباع رغبة وممارسة هواية قبل أن تكون عملية تجارية بعيدة عن الإبداع الذي هو أساس هذا الفن .
أما أبرز المصورين الذين عرفتهم الناصرية فهم : المصور الذي كان يجمع بين مهنتي الخياطة والتصوير في آن واحد وقد صور لنا الكثير من الصور التي تتحدث عن فترة العشرينات وقبلها ويدعى ((فاسيلي بطرس)) وهناك مصور آخر مارس التصوير في نفس الفترة يسمى ((وهبي)) ثم جاء بعدهم بقليل المصور المبدع ياسين خضر رحمه الله اي في مطلع الثلاثينيات وكان يصور في الشمس ويطبع على اللمبة ورغم هذه الظروف كانت هناك صورة جميلة معبرة ولا تزال أفضل من صور عديدة أخذت في يومنا هذا. وجاء بعده المصور عصمت محمد فتاح الذي مارس التصوير في الأربعينات وترك هذا المصور لمسات فنية جميلة تفوق فيها على العديد من المصورين آنذاك. أما في الخمسينيات والستينيات جاء جيل من المصورين وضع اللبناة الأولى لمهنة التصوير ذات طابع فني كبير من أمثال الشاعر رشيد مجيد الذي كان فنانا بحق في هذا المجال مثلما كان شاعرا كبيرا. والمصور شاكر شناوة علي تولد عام 1934م الذي مارس التصوير لأول مرة عام 1952م وفي عام 1956م فتح محل تصوير في شارع النيل وهو المحل الذي فتح فيما بعد باسم أستوديو فينوس للمصور ذيبان جابر. وكان هذا المصور ممن يعشق هذا الفن وكرس جيل وقته في ممارسة هذه الهواية التي عشقها وأجاد فيها واخلص لها. وله مراسلات وشهادة تقديرية من الجامعة الأمريكية في بيروت اعترافا بقدراته في التصوير. مثلما كان رياضيا ناجحا حاز على اعجاب أبناء مدينته خلال الخمسينيات يوم كان حامي هدف منتخب تربية الناصرية. توفي رحمه الله 1963/2/2م وفقدته المدينة مصورا مبدعا ورياضيا بارزا وانسانا خلوقا.
والمصور جبار شكر أحمد الذي مارس التصوير عام 1950م ثم أخوه المصور عبد الكريم شكر أحمد الشمري تولد 1933م وهو كزملائه مارس المهنة هاويا في عام 1950م وشكل مع ابناء جيله نخبة مميزة من المصورين فكان مصورا بارعا وفنانا قديرا توفي رحمه الله في عام 1985م. والمصور ستار عبد الأمير الذي كان مصورا متجولا في بغداد عام 1953م حتى عام 1954م ثم جاء إلى الناصرية وفتح محلا أسماه أستوديو العروبة ثم انتقل عام 1957م إلى المحل الحالي الذي يحمل اسم أستوديو ستار يوم كان ايجاره يبلغ (4)دنانير. والمصور ((فليح))والمصور حازم فرهود الربيعي صاحب أستوديو حازم وهو من أهالي البصرة عمل في الناصرية من عام 1963م حتى عام 1970م
والمصور جهاد داود محمد من مواليد سوق الشيوخ عام 1919م بدء العمل في التصوير عام 1951م وكان من أوائل المصورين في سوق الشيوخ مارس المهنة طيلة الفترة الممتدة من عام 1951م حتى وفاته عام 1984م.
والمصور الفوتغرافي عبد علي مناحي الذي احترف التصوير عام 1963م بعد أن عمل به هاويا منذ مطلع الستينيات إذ ابتداء بالتصوير السينمائي والذي حاله إلى التصوير الفوتوغرافي بمحض الصدفة فقد اعجبته لقطة ثابتة خلال مشهد سينمائي اشتغله، وجد في ثباتها حياة واقعية وجمالا نابضا فانعطف من السينما إلى الفوتغراف.
وخلال عام 1970م جاء جيل من الشباب يحمل الكثير من الأفكار لخدمة هذه المهنة والارتقاء بها إلى إمام ومنهم: محمد داخل سلطان ، صاحب أستوديو شهرزاد حاليا مارس المهنة هاويا عام 1964م وفتح اول محل له عام 1969 وحصل على إجازة من وزارة الإعلام عام 1971م برقم 613وهو من المصورين الشباب الذي استفاد من الجيل الذي سبقه وكان جلهم من المبدعين فأتقن وأجاد هذه المهنة ومارسها بإخلاص اعتزازا بها وبروادها الأوائل من المصورين المدينة . والمصور مكي ابراهيم محمد الحداد الذي مارس العمل في التصوير عام 1964م عند المصور حازم وفي عام 1969م فتح محلا خاصا به أسماه أستوديو الكواكب وغلق بعد مرور سنة على فتحه. ثم كان له محل آخر افتتحه عام1970م أسماه أستوديو ذكريات ولا يزال يمارس العمل فيه ويساعده ولده حسام مكي وهو من المصورين الشباب المبدعين وخاصة في أحداث مجال لهذا الفن وهو التصوير الرقمي ((الدجتال)) وحسام مكي يدعى من أوائل المصورين الشباب الذي عملو في هذه المجال في مدينة الناصرية والمصور صبري شاكر أحمد الجبوري وهو ممن مارس التصوير عام 1962م عند المصور كريم شكر وكذالك المصور هادي صاحب أستوديو الجمال والمصور (محمد عامر) صاحب أستوديو ألوان والمصور قاسم منصور الخفاجي والمصور المبدع حيدر عبد الحسين والذي شكل مع مبدع آخر اسمه محمد السنجري ثنائيا فنيا، مبدعا متفوقا في هذا المجال والمصور عباس خيون والمصور ذيبان جابر ومالك اطيمش وطعمه البصري وناصر غسان والمصور عقيل طالب الحائز على الجائزة البرونزية في مهرجان بغداد الدولي الحادي عشر للصورة الفوغرافية بمشاركة أكثر من 20 دولة عربية وأجنبية وغيرهم.
والتصوير فن قائم بحاله له مميزاته وخصائصه والفنان هو من أتقن وأجاد هذه الخصائص ومن هذا الجانب نجد أن هناك من ارتقى بهذا الفن إلى إمام وكان علامة بارزة في هذا المجال منهم : المصور عبد الغني غالي الطيار الذي حاز على العديد من الجوائز التقديرية لمشاركتة في العديد من المعارض المحلية والدولية في مجال التصوير فكانت دليلا واضحا على إبداعه وشهادة على تفوقه. والمصور عبد الرضا عناد صاحب أستوديو سارة وهو أيضا ممن أجاد وأبدع فكان بحق متفوقا على جميع مصوري جيله لقدرة عدسته على طبع اللحظة الحالمة وتوثيق المشاعر الإنسانية بأحسن صورها، ولا يزال ينتظره الكثير إضافة إلى هؤلاء المصورين كان هناك من يعمل بالتصوير الشمسي منهم رزاق سعيد وغانم خليل الذي مارسها في عام 1953م وعلى الصفار وخضر الطحان وشريف الحاج اسد ورحيم شكر وصادق كاظم وحسن شريف وذبيان جابر ومحسن ابو عبلة وغيرهم.
من كتاب الناصرية تاريخ ورجال / الجزء الرابع
ص236 ص257
تأليف عبد الحليم أحمد الحصيني