حسن السهلاني/مركز التضامن للإعلام
من الشخصيات الهامة في تاريخ المسلمين، هي شخصية البتول الطاهرة فاطمة الزهراء (ع)، وقد تعرضت هذه الشخصية إلى أنواع من العذاب النفسي ثم تعرضت إلى حوادث مفجعة ذكرتها كتب التاريخ، وقد حاول البعض تهميش شخصية المعصومة الطاهرة (عليها السلام) ومحاولة إنكار مظلوميتها ودورها.
وهذا ما أشار إليه المفكر الإسلامي، آية الله الشيخ الكبيـر محمد باقر الناصري، في كتابه (دراسات في التاريخ الإسلامي)،
حيث كتب: يعز على هذا المختصر استيعاب الفصول الكاملة لحياة الزهراء(ع) فان مرد ذلك لأمرين:
أولهما: إن كتابنا روعي فيه الاختصار جهد الإمكان إلا في الفصول التي رأينا الواجب الشرعي وأمانة التاريخ يمليان ضرورة التوسع فيها.
وثانيهما: إنما نكتفي بالموجز من حياة الصديقة الزهراء (ع) لتوفر المطولات التي تكفلت استيعاب جوانب حياتها وهي في متناول الكثيرين.
وبعد هذا فنقول: إن الزهراء فاطمة كتب عنها بأذواق متباينة، وأهداف متباعدة، فمن مصور لها على شكل ملكات الزمان، تحوطها هالة من العبيد والجواري، ذات السلطة والنفوذ باعتبارها ابرز شخصية نسويه في تاريخ الفتح الإسلامي المترامي الأطراف قياسا على سيدات البلاطات والقصور.
وكلما كتب كاتب أو تحدث متحدث عن المرأة قديما وحديثا حاول جر سيرة الزهراء وتفسير نصوص حياتها لصالح مذهبة ومذاقه.
فالمتزمت في الحجاب المكشف له لايعدم شواهد يوردها لدعم رأيه من حياة الصديقة (ع) مادامت هي التي تقول: (( خير للمرأة أن لا ترى رجلا ولا يراها رجل)).
والمنادي بحرية المرأة المتحمس لإشراكها في ممارسة كافة الأعمال وولوجها مختلف الميادين لن ينسى أن يحمي نفسه من هجوم المحافظين بما ورد من سيرة الزهراء(ع) وهي حجج تبدو وجيهة مادامت الزهراء تضمد الجرحى وتشجع الناكل وتحمل الزاد والماء للمجاهدين ... وهي التي تسمع صوتها الالوف تقرع الحجة بالحجة، وتطالب بحقوقها وحقوق اسرتها السياسية والمالية، سواء كان ذلك في المسجد بعد فقد أبيها، وخطبها مشهورة في ذلك الموقف، أو بتطوافها على بيوت المهاجرين والأنصار لتوضيح أبعاد المؤامرة التي اقصي بموجبها أهل البيت (ع) عن مركزهم الشرعي، أو بإجاباتها لأبي بكر وعمر حينما دخلا عليها في علتها التي توفيت فيها.
ولا أنكر أن هناك من تجنى على الزهراء في إغفال تاريخها، أو ذكرها ببرود وقلة مبالاة.
ولكن لايعني هذا إن تاريخ الزهراء لم يكتب عنه كما يرام، فأن هناك من كتب بمستوى الحاجة ووقف بين حقها (ع) وحق التاريخ، وحق القراء مراعيا في كل ذلك النصف والاستقامة.
كما أني حين اكتب هذا الفصل عن حياتها لا ادعي إني أتيت بما لم يأتي به الأولون، بل لهم حق السبق وحفظ التراث، ولكني اكتب بدافع أداء واجب حق القربى المفروض، محاولا تنضيد ثمار لا يجنيها القارئ إلا بعد جهد جهيد ومطالعات كثيرة قد تسبب العزوف عنها، وهو ماسبب ضياع كثير من التراث الإنساني.
كما إني على العهد من التعرض للمهم النافع طالما تكفل غيري غثه وسمينه، مراعيا في ذلك جانب الدقة التاريخية والأمانة الشرعية جهد الإمكان والله المستعان.