أسعد الحسيناوي /مركز التضامن للإعلام
شخصية هادئ وطيب ونشئت في بيت ناصري عريق، توغلت فيه جذور الإبداع والتميّز والتّفاخر في الانتماء إلى الناصرية، هي شخصية عدنان أحمد العزاوي،الذكريات الجميلة بين الناصرية والسيدة
كتب عنه الاستاذ نعيم عبد مهلهل، قائلا :-
تقف الناصرية عند خط الافق المضيء كما يقف الكهنة امام بوابات معابدهم ، أنها مدينة معفرة بغبار اساطير زمن غامض وشهي يمنحها خصوصية أنها بطعم الجنوب كله ، حزنه وسعادته واغانيه وصور عدسات مصوريه وطابوق بنائيه ومقص حلاقيه وبنادق جنوده وطباشير معلميه.
هذه المدينة التي تختلق فينا رغبتها حتى تكون مرسومة في عيوننا بشهية احلام الهة الذكريات بقيت وعلى الدوام تعطي لابنائها حلاوة ضوء الوجوه مهما تعددت واغتربت ، وفي النهاية شوارعها من تلقي قصيدة الاحتفاء بعودتنا .
المرحوم عدنان احمد العزاوي ابو ( باسم ) 1934 ــ 2011 هو واحد من تلك الوجوه التي رسمت حلم انتماءها الى المدينة من خلال مهنته التي احبها ( الحلاقة ) ، فكان محله ملتقى للموظفين والشباب الذين يحرصون ان يجملوا في تسريحة الشعر فرح يوم الراتب أو اول ايام العيد ، وبروحه الجميلة كان ابو باسم يقيم مودته مع المدينة واهلها ويعرف الكثير من صفحات وجودها عبر تلك الوجوه التي تأتيه الى المحل كزبون وصديق.
هاديء وطيب ونشأ في بيت ناصري عريق توغلت فيه جذور الابداع والتميز والتفاخر بالانتماء الى الناصرية كحضن اول لتنمية الموهبة كما مع اخيه الفنان الكبير محسن العزاوي وولده سنان العزاوي وابن اخيه صديقي الفنان الرائع زكي عطا احمد . فيما كان ولده الكبير صديقي الطيب والظل الساحر لذكريات حلوة لنا معا باسم عدنان المصور المبدع بغرائبيه لقطته الفنية المدهشة واحترافه للنجارة والحفر .
بين اجفان باسم واجفان ابيه المرحوم عدنان الحلاق تتألق محطات ذكرياتي مع هذا الانسان الرائع واغلبها عندما كنا نلتقي كل مساء عند بسطية صديقنا صباح الشويلي التي كان يبيع فيها السكائر في ركن بشارع العراقيين في منطقة السيدة زينب حيث كنا نمضي مع ابو باسم ذكريات الضحك واستعادة فصول تواريخ المدينة بعد ان قرر ان يهاجر ويتقاعد من وظيفيته في دائرة صحة الناصرية ذالك عندما فارقته رفيقة عمره المرحومة أم باسم وصعدت بروحها الطيبة الى السماء فشعر بوحدةٍ قاتلة قرر فيها ان يؤم خطوات رحيله الى الشام ويعيش سنين منفى اختاره هو ، وشكل هو والتربوي الطيب خالد عبد القادر ثنائيا اجد مودة كبيرة وفرحا غامرا عندما ادعوهما وبالحاح مغادرة وقفتهما المسائية في صيدلية الصديق نجاح قي دوار الحجيرة ليأتيا معي الى سكني وهناك نقضي ساعات من الضحك واستعادة تواريخ ازمنتنا القديمة وبين الحين والآخر يشده الحنين الى ولديه المغتربين بين هولندا وامريكا وكل امانيه ان يراهم مرة كل عام.
يوم توفي المرحوم عدنان الحلاق شعرت بحزن كبير ، وأدركت أن جزءاً من شوق ازمنة قديمة قد فارقت صفحات التذكر صوب جهة الدمعة ، لأتذكر اخر لقاء لي معه عام 2009 حين تمنى علي أن اتصل بباسم وانا في المانيا لشعوره انه يشتاق اليه كثيرا .
مع المرحوم ابي باسم كان للحديث طعما وسلاسة وهو يتقبل منا المزاح حين نلح عليه الزواج مرة ثانية ، فيصدنا ويقول بعد أم باسم لن تدخل امرأة في قلبي.
لقد التحق فيها الآن وهما سوية يستعيدان اجمل ايام حياتهما في المدينة التي ولد فيها باسم واخيه سامر وبقية اخواته وربما يتمنون لهم حياة هادئة وسعيدة كتلك التي استطاع ان يوفرها الاب لابنائه الذين غادروه الى المحطات البعيدة وظل وحيدا يبكي مع اثير مكالماتهم الصوتية معه.
اعرف انه كان يكتم حزنه وكان يغطي عليه بأبتسامته ودخان السكارة ولكن ملامحه ظلت تتلون بتلك الوداعة والطيبة وهي تسجل تواريخ ذلك الرجل الرائع عدنان احمد الحلاق..!