مراقد ومقامات بنيت في مدينة الناصرية منذ آلاف السنين ، واصبحت مزارات للناس واماكن للسياحة .

دار ابراهيم الخليل(ع)، أبو الأنبياء وتاج الأصفياء:

يمتد تاريخ مدينة الناصرية الى سنين طوال موغلة في القدم حيث البذرة الأولى للحضارة الإنسانية، يوم استقر الصيادون الرحل في هذه الديار في عصر ((العبيد)) واكتشفوا الزراعة لأول مرة وإلى عهد ((اوريدو)) ومعبدها القديم وإلى أيام ((اور)) بلد ابو الانبياء ابراهيم الخليل (ع) التي انطلقت منها وعلى لسانه أولى النداءات الوحدانية ودعوات الحق ومحاربة الأوثان[ماكان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وماكان من المشركين].

وإبراهيم هو اسم سرياني ومعناه بالعربية ((اب رحيم)) وهو نبي الله وخليلة جعله الله من اولى العزم وهو أبو الأنبياء وتاج الأصفياء وهو أول من هاجر من وطنه إلى طاعة الله حفظا لايمانه يرجع نسب ابراهيم الخليل إلى نبي الله نوح حيث كان لنوح (ع) ثلاثة اولاد هم : 

1- يافت: وهو أكبر ولد نوح (ع) ومن أولاده الترك وغيرهم. 

2- حام: وهو أصغر ولد نوح(ع) وهو أبو السودان 

3- سام: وهو أوسط ولد نوح (ع) وهو أبو العرب ومنه ابراهيم الخليل ولابراهيم الخليل ولدان هم مدين وإسماعيل(ع) ومن إسماعيل القبيلة العربية المعروفة بنو عدنان) نسبة إلى عدنان أحد أحفاد إسماعيل (ع) والمنسوب إليهم العرب العرب العدنانية من قريش وكنانة وغيرهم ومن قريش نبي الإنسانية محمد (ص).

وبحثا عن مراعي جديدة نزحت العديد من القبائل العربية من شبه الجزيرة العربية ((موطنها الأصلي)) واستقرت في سوريا وشمال غرب العراق ثم انتقلت بعض الأسر إلى جنوب العراق ومنها اسرة ابراهيم الخليل(ع) منحدرين إلى الأقسام السفلى من بلاد بابل في حدود الألف الثاني ق.م يوم كان وسط جنوب العراق تحت سيطرة حكم سلالتي ايسن ولارسا للفترة من (1985-2017)ق.م. 

حيث تشير الدلائل أن ابراهيم الخليل(ع) قد ولد ونشأ في مدينة أور، اذ تذكر التوراة انه كان أصلا من أور ((انت هو الرب الإله الذي اخترت ابرام واخرجته من أور الكلدانيين وجعلت اسمه ابراهيم)) سفر نجميا 9: 7 ويقع بيت ابراهيم الخليل في أور ضمن رقعة تكاد تكون مثلثة الشكل تبلغ مساحتها 2200م٢.

ورفض ابراهيم الخليل في ظل هذه الأوضاع أن يكون كما يريد أهل الكفر والضلال حيث الشرك وتعدد الآلهة فانقلب على ذلك الواقع الفاسد وبدأ دعوته إلى الحق والنور ومحاربة الشرك والظلم. مما اضطره إلى مغادرة أور وعبر الفرات إلى بابل وحران وإلى فلسطين ومن ثم إلى مصر ثم عاد إلى فلسطين وتوفي فيها ومرقده في القدس في قرية تسمى ((حبرون)) وقد غلب على اسمها الخليل ويقال لها ((حبرى)) وروي عن كعب الحبر أن أول من مات ودفن في حبرى سارة زوجة ابراهيم الخليل(ع) اول كلمة ((لا)) قالها بصوت عال أمام طاغوت زمانه، يوم رفض الشمس ربا والقمر معبود، وهو أول من دخل في الإسلام حيث لم يكن هناك لا إسلام والمسلمين، وأول من بنى بنيانا يتسع لملايين البشر ويدور إلى يوم القيامة انه أبو الأنبياء ابراهيم الخليل(ع) .

مقام الخضر : 

يقع مقام الخضر في ناحية الفضلية على ضفاف نهر الفرات وقد مر المقام بمراحل تعمير مختلفة أغلبها لم ترتقي بمقام وشخصية الخضر(ع) حيث كان من القصب ثم أصبح البناء طيني والسقف من الخشب ((جندل)) وبعد عام 2000م أعيد بناءه وأصبح من الطابوق وسقفه من ((الكونكريت النسلح))ويحتل مساحة صغيرة ولكنه احسن حال من البناء السابق حيث بإمكان الزائر اليوم أن يجد مكان يؤدي فيه مراسيم الزيارة وآخر للاستراحة عكس ماكان عليه في السابق مثلما يحتوي المقام على قبة كبيرة بيضاء اللون.

اسمه: بليا بن مكان. 

ولقب بالخضر لأنه إذا صلى أخضر ماحوله، وقيل لاشراقه وحسنه. 

كنيته:اتفقت المصادر على أن كنيته ابو العباس واشتهر أيضا محليا بأبي محمد. 

أمه وابوه: قالوا إن أمه رومية واباه فارسي وهناك من يقول أن أمه فارسية واسمها المي. وذكروا اختلافا كبيرا في تحديد ابيه فقالوا انه الابن الصلبي الادم، ذلك من الأقوال. ونصت بعض المصادر انه كان قائدا عسكريا في جند الاسكندر والخضر والاسكندر أبناء خاله، ومن الإشارات التاريخية لو جوده في العراق ما ورد انه عاصر ابراهيم الخليل وآمن بدينه وهاجر معه من أرض بابل حين هاجر ابراهيم منها واختلفت الآراء في تحديد شخصيته هل انه نبي أم ولي أم عبد صالح أم يجمع هذه الصفات الثلاث معا.

أما إذا تحولنا إلى مدرسة أهل البيت(ع)نجد الروايات وأجوبة المسائل لاتغفل هذه المسألة، فقد ورد عن الإمام الصادق(ع) :أن الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله إلى قومه فدعاهم إلى توحيده والإقرار بانبيائه ورسله وكتبه، وكانت ايته إلا يجلس على خشبة يابسه، ولا ارض بيضاء الاازهرت خضراء وإنما سمي خضرا لذلك.

وقد تذكر بعض الأحاديث انه حي لم يمت وليس هناك دليل قطعي يثبت ذلك، كما أنه ليس هناك دليل عقلي يمنع من ذلك، من خلال قدرة الله المطلقة على ذلك وعلى اكثر منه. 

وقد ورد أن دعاء كميل الدعاء المعروف الذي علمه الإمام أمير المؤمنين(ع) لكميل بن زياد النخعي واشتهر باسمه إنما هو دعاء الخضر، ويفهم المحللون من تعبير الإمام علي (ع) انه دعاء أخي الخضر كونه حيا. 

وما ورد عن الرضا أن الخضر أدى مراسم التعزية لأهل البيت بوفات جدهم رسول الله (ص) حيث وقف على باب البيت وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: السلام عليكم يااهل البيت كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة أن في الله خلفا من كل هالك، وعزاء من كل مصيبة... الخ، فقال أمير المؤمنين (ع): هذا أخي الخضر جاء يعزيكم بنبيكم. 

وفي اليوم الذي توفي فيه أمير المؤمنين(ع) ابنه بكلمات حارة وهي الزيارة المعروفة التي يزار بها الإمام علي يوم وفاته : رحمك الله يا ابا الحسن كنت اول القوم اسلاما، واخلصنم إيمانا، واشدهم يقينا، واخوفهم لله....الخ.

وهناك كوكبة من الأحاديث تنطق بأنه يخرج مع الإمام المهدي عجل الله فرجه ويكون من أنصاره وأعوانه .

 من كتاب الناصرية تاريخ ورجال / الجزء الرابع 

ص290 ص291 ص292 ص293

تأليف عبد الحليم أحمد الحصيني