صحيفة اوان

مجلة مبرات التضامن التي اصدرت عام 2016

جمعية التضامن على الفيس بوك

شعيرة الاعتكاف في جامع الشيخ عباس الكبير

#

 

ذكرى رحيل أية الله العظمى الشيخ حسن الخويبراوي الناصري

الجمعية التضامن / خاص

هو الشيخ حسن ابن الشيخ مطر يرجع نسبه إلى خويبر وهو الجد الأعلى لهذه الآسرة والتي تنتمي في أصلها إلى عشائر الجوابر وهي من العشائر العربية المعروفة التي تقطن على ضفتي الفرات الأوسط بين مدينتي السماوة والناصرية وقد نبغ فيهم جملة من العلماء والخطباء والمثقفين والدعاة ولهم مواقف دينية ووطنية صادقة على مر التاريخ .

 

ولادته ونشأته

 

ولد شيخنا الراحل (قد5) في مدينة الناصرية في حدود سنة 1330هـ الموافق سنة 1910م في بيت اشتهر بالعلم والكرم والشهامة وعراقة النسب 0 وحينما اكمل السابعة من عمره سجل في أول مدرسة فتحت في الناصرية وقد تولى تربيته ورعايته المغفور له آية الله العظمى الشيخ عباس الناصري (قده) حتى نشأ نشأة دينية بما امتاز به من ذكاء وفطنة .

 

دراسته وأساتذته

 

وبعد إكماله الدراسة الابتدائية في الناصرية انتقل شيخنا الراحل (قده) إلى النجف الاشرف وبتسديد من الله تعالى اقبل على دراسة العلوم الدينية بكل شوق وتلهف معتكفا بجوار أمير المؤمنين (عليه السلام ) ومنتهلا من معينه العذب وذلك في سنة 1347هـ الموافق 1927م حيث درس المقدمات على أساطين العلم في عصره بعدها اكمل السطوح على مشاهير العلماء وأساتذة الحوزة آنذاك ثم انتقل إلى البحث الخارج وهو في سن مبكرة وممن حضر عندهم شيخنا الراحل (قده) فقها المرحوم آية الله السيد آبو الحسن الأصفهاني والمرحوم آية الله الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء والمرحوم آية الله السيد محسن الحكيم والمرحوم آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين وغيرهم واما في علم الأصول فمن أساتذته المرحوم آية الله السيد حسين الحمامي والمرحوم آية الله الميرزا النائيني والمرحوم آية الله السيد محمود الشاهرودي والمرحوم آية الله السيد محمد هادي الميلاني والمرحوم آية الله الشيخ محمد علي الكاظمي وغيرهم .

 

إجازاته في الاجتهاد

 

بحمد الله وتوفيقه وبعد الكد والجد نال شيخنا الراحل (قده) مرتبة سامية من العلم وحصل على مرتبة الاجتهاد وهو لا يزال في العقد الثالث من عمره وممن أجازه من العلماء الأمام الحجة الذي طبقت شهرته الآفاق الشيخ محمد الحسين ال كاشف الغطاء وآية الله المرحوم السيد حسين الأصفهاني وآية الله المرحوم الشيخ موسى الخونساري وآية الله المرحوم السيد محمود الشاهرودي وآية الله المرحوم صاحب الذريعة الشيخ اغا بزرك الطهراني .

 

مؤلفاته

 

ترك الفقيد آثارا علمية منها ما طبع ومنها ما هو مخطوط في مكتبته فمن مؤلفاته :-

1-اللالىء الحسان في تفسير القرآن في 30 جزءاً طبع منه جزءان

2-الاجتهاد والتقليد طبع منه جزء

3-جامع الأحكام لمهمات مسائل الحلال والحرام رسالة عملية في جزئين

4-الروائق في حياة الأمام الصادق (عليه السلام )

5-مدارك العروة الوثقى

6-نهج البداعة في شرح نهج البلاغة عدة أجزاء

7-شرح كفاية الأصول لآية الله الشيخ محمد كاظم الاخوند الخراساني (قده)

8-مرشد الحيران لاوائل آيات القران

9-شرح النقاية للسيوطي في العقائد

10-ترجمة بعض فلاسفة اليونان

11-ترجمة المحقق الخواجه نصير الدين الطوسي

12-دورة أصول

13-تكملة وسيلة النجاة لآية الله السيد ابو الحسن الأصفهاني(قده) في المواريث

14-التعليقة على العروة الوثقى لآية الله السيد محمد كاظم اليزيدي ( قده )

15-المنسك المعتبر لمن حج واعتمر

16-رسالة ردا على ( على الوردي ) حول كتابه ( وعاظ السلاطين )

17-رسالة ردا على ( ابن تيميه حول كتابه الفرقان )

18-رسالة ردا على ( محمد ثابت المصري صاحب الجولة في الشرق الأوسط )

19-رسالة ردا على( كتاب الشيوعية لا تعارض الدين )

20-مناسك الحج

 

حدث وتأريخ

 

في حي من أحياء مدينة الناصرية ضرب الفساد إطنابه حيث بدأت خيوطه تمتد إلى بيوت مجاورة لتقتنص من يقع في شرك هذا الأخطبوط المدمر الذي كانت تغذية عناصر تريد آن تجعل من هذا الحي بؤرة للفساد ومنطلقا للرذيلة في بلد التوحيد والكرامة ، وبدأ الكل يتحسس جسامة هذا الخطر ولكن كيف السبيل لاجتثاث هذه الجذوة خصوصا وقد وقع اغلب شبان المدينة في حبائل الشيطان جراء هذا التيار العارم علما ان هذه البيوت تقسم المدينة الى قسمين بحيث يصعب خصوصا بالنسبة للنساء اجتياز هذه المنطقة فيفضلن الالتفاف من جهة شارع الحبوبي مما يجعل مسافة الطريق مضاعفة وبيوت العاهرات هذه لها مكاتب يديرها أشخاص قوادون اتخذوا من هذا العمل الدنيء حرفة ومرتزقا فانبرى شيخنا الراحل ( قده) لتحمل أعباء مكافحة هذا الوباء وسخر لذلك كل ما لديه من إمكانيات مستعينا بالله أولا وبهمة الغيارى من أبناء هذه المدينة فامر سماحته بجلب البواري والحصر وفرشها في الشارع المكتظ بهذه البيوت ثم آمر بعد ذلك مجموعة من المؤمنين ان يتوزعوا على أطراف هذا الحي لاعلان التكبير والآذان في أوقاته المحددة ثم أقام الصلاة في وسط هذه المنطقة وكانت الصفوف متراصة خلف سماحته وقد أعلن المسؤولون وفي مقدمتهم السيد متصرف الناصرية آنذاك الأستاذ عبد الكافي عارف تأييدهم لهذه الفكرة ووقوفهم الى جنب سماحة الشيخ (ره) في اقتلاع جذور الفسق والفجور وترسيخ دعائم الدين الحنيف وكان ذلك اليوم مشهودا عندما هبت الجموع الغفيرة من أبناء المدينة لتهديم هذه البيوت بأسرع ما يتصور وبدأت حملة التبرعات لبناء المسجد وكان (ره) بعد تأديته الصلاة يخطب في جموع الحاضرين يستنهض فيهم الهمم ويشحذ فيهم العزائم ويدعوهم للعمل الأخروي والجهاد في سبيل نصرة الحق فأشرقت على ربوع ذلك الحي شمس الأيمان وقبرت شواخص الفسق والطغيان لتعود هذه البقعة نقية طاهرة بعد ان دنستها أياد أثيمة هدفها الإساءة الى سمعة هذا البلد المسلم فشيد (ره) على أنقاضها مسجدا ومكتبة عامة بأسم مكتبة الأمام الحسن (ع) فرع مكتبة السيد الحكيم في النجف ) وقد بارك العلماء الأعلام هذه الخطوات الجريئة وارخ بعض الأدباء هذا المجهود الإسلامي الكبير بقوله :-

 

حسن الفعل ومن أفعاله ان سعى في قمع بغى الفاسقين

 

بقعة للبغي كانت علنا أرخوها ( مسجدا للراكعين )

 

وارخه بعض الشعراء بقوله :-

 

الأرض تسعد بعد شقـــوتها كما ورد الحديث عن النبي معنعنا

 

( حسن ) آتى حسنا وقام بمسجد أرخ ( على التقوى تأسس معلنا )

 

وكان هذا الحدث في عام 1373هـ الموافق 1953م .

 

وتعرض سماحته (ره) إزاء ما قام به من جهد جهيد وعمل مشكور إلى محاولة اغتيال واعتداء ممن يسوءه مثل هذه الأعمال الجليلة من ضعاف النفوس وبائعي الضمائر وكان ذلك في شارع الحبوبي عندما كان مارا في طريقه الى بعض الأماكن هناك ولكن السلطة انذاك اتخذت إجراءات صارمة بحق من يتعرض لسماحة الشيخ (ره) ولم تثنه هذه المحاولات الرخيصة عن مواصلة رسالته الإسلامية وقد ذكرت هذه الحادثة مفصلة في رواية القمر والأسوار التي صدرت عام 1986 ثم توجه بعدها إلى جنوب المدينة فأنشأ مسجدين هناك الاول بأسم الإمام زين العابدين (ع) والثاني بأسم الأمام علي بن موسى الرضا (ع) ومسجد أسسه في منطقة الصالحية بأسم ( مسجد الزهراء (ع) ) كما انه وضع حجر الأساس لمسجد في مدخل المدينة في منطقة الثورة وقد سعى المؤمنون في تشييده وهذه المساجد لا تزال قائمة وعامرة الى ألان فلله دره وعليه اجره.

 

وفاته

لقد تعرض سماحة الشيخ الراحل (قده) من قبل النظام البائد وحاولوا بشتى الوسائل والسبل آن ينتزعوا من سماحته فتوى تأييد تبيح حربهمالإجرامية ضد النظام الإسلامي في إيران واعتبارها فئة باغية واخذ ممثلوهم بالتوافد على سماحته بحجة المساهمة في رفــع كاهل ما يعانيه او الالتفاف حول مرجعيته كونه عربيا وعراقيا وهذا ما حصل بالنســـبة للمدعو ( عبد اللطيف الدارمي ) حيث جاء مع وفد من ازلام النظام وعرضوا على سماحته الانتقال الى كربلاء وزعامة الحوزة العلمية هناك بذريعة ان من يتصدى للآمر في هذه المدينة المقدسة هم أجانب فبين له شيخنا الراحل :- ان في كربلاء علماء أفاضل من مختلف الجنسيات لهم باع طويل في العلم والجهاد وهم يديرون شؤون حوزتها ويعمقون مفاهيم الإسلام في نفوس أبنائها بصرف النظر عن ان هذا عربي او أعجمي فكان (ره) يواجههم بالرد العنيف والموقف الشديد ولم تثنه هذه الأحابيل من أداء مهامه الإسلامية والجهادية رغم الضغوط والملاحقات ومنعه من السفر للحج لسنين متعددة وتحجيم دوره الفاعل في رعاية الحركة الإسلامية وفرض الرقابة على كل تحركاته مما اضطره إلى الاعتزال وملازمة داره صابرا محتسبا إلى ان وافاه الآجل المحتوم يوم 18 رجب 1410هـ الموافق 15/2/1990م فكان يوم رحيله يوما مأساويا في مدينة الناصرية فخيم الحزن والاسى في عموم أرجاء المدينة وبذلك فقدت الناصرية مرجعا روحيا ومصلحا فذا ومجاهدا ورعا جسد الزهد باجلى معانية فخلف رحيله حرقة في القلب ولوعة في النفس تاركا وراءه الذكر الحسن والخلق الرفيع والآثار الخالدة فكان بحق للناصرية آبا عطوفا يتحسس آلامهم ويشاطرهم أفراحهم واتراحهم والكل يفزعون أليه في الأزمات والمهمات .

ووفاء من أبناء الناصرية الغيارى ورغم كل الظروف الخانقة آنذاك والتسلط البعثي المقيت وتحديا لكل الإجراءات التي فرضها النظام المقبور فقد سارع الآلاف منهم بمختلف طبقاتهم للمشاركة في تشييع الجثمان الطاهر منطلقين من مسجد الفقيد في منطقة السراي مرورا بشوارع المدينة الرئيسية حتى خارج حدودها وعند جسر الناصرية حاول رجال آمن النظام ان يوقفوا هذا الزحف الجماهيري الحاشد باستخدام القوة واخذ النعش عنوة إلا آن الجماهير آلت على أنفسها ان لا يسلموا الجثمان الطاهر إلا آن يكونوا جسرا لعبوره وتعالت صيحات التكبير والتهليل وكل مدينة يمر بها موكب التشييع يخرج أهلها للاستقبال بأهازيجها ومستهلاتها الحزينة حتى وصوله النجف الاشرف حيث كان في استقبال النعش الطاهر ممثل آية الله العظمى الأمام السيد آبو القاسم الخوئي (قده) وجمع غفير من العلماء وأساتذة الحوزة العلمية وابناء النجف الاماجد وبعد اداء مراسيم الزيارة ووري الثرى في مقبرة الآسرة في وادي السلام ليحل ضيفا بحمى أمير المؤمنين (ع) :-

 

نم قرير العين يا رمز التقى بجوار المرتضى كهف الأنام

ومع الأبرار تحضـى في غد بجنان الخلد في أسمى مقام

 

وما إن انتشر خبر وفاته (ره) حتى أقيمت له الفواتح ومجالس التأبين في مناطق عديدة من العراق بضمنها بغداد أضافه الى مدينته الناصرية حيث أقيمت له الفواتح في عموم المساجد ورثاه أحد الشعراء بقوله :-

 

مذ غبت يا حسن الخصال تفجعت فيك النفوس بلوعة وبكاء

ومساجد تنعاك كل فريضـــة يندبن فقدك في أسى ورثاء

والى الخلود رحلت لكن لم تزل نار الفراق رهينة الأحشاء

ان كان المنا غيابك فالقـــضا جار وبالهادي اجل عـزاء

 

وفور وصول النبأ الحزين الى قم المقدسة سارعت آسرة الفقيد لاقامة مجلس الفاتحة على روحة الطاهرة في مسجد الشهيد الصدر (قده) عزى فيها الحاضرون سماحة آية الله المجاهد الشيخ محمد باقر الناصري ( دام ظله الشريف ) بهذا المصاب الجلل .

 

تغمد الله شيخنا الراحل بواسع رحمته واظلة بظله الوارف يوم لا ظل الا ظله

والحمد لله رب العالمين .

ذكرى رحيل أية الله العظمى الشيخ حسن الخويبراوي الناصري