مركز التضامن للإعلام
أكد آية الله الشيخ محمد باقر الناصري أن السيد محمد باقر الصدر كان نقطة قوة الفكر الإسلامي في الزمن المعاصر مما يجعل من دراسة شخصية الشهيد فرضا على الرجال والنساء من المسلمين وخاصة منهم تلامذة الشهيد، مصرحا أن على هؤلاء تبيين نقاط القوة في شخصية الشهيد الصدر والقيام بنشر أعماله وآراءه السامية التي ندين لها بكل ما نقدم اليوم من آراء فقهية وفكرية مستجدة.
وقال الشيخ الناصري في حوار أجراه معه "مركز التضامن للإعلام" حول شخصية الشهيد محمد باقر الصدر، أن الشهيد الصدر بذل قصار جهده في الامتثال بالرسول الأكرم(ص) وأهل بيته وإعادة الدور المركزي إلي المرجعية الدينية وإصلاح الأضرار التي تسبب بها ابتعاد الناس عن الشريعة والتعاليم الدينية.
وأضاف بالقول: إن من دواعي الشرف له 25 عاما من التتلمذ ومجاورة الشهيد الصدر وتلقي العلوم من ينبوع الشهيد، مؤكدا أن من أفضل ما حصل في حياته هو ملازمة دروس السيد الشهيد في الفقه وأصول الفقه والذي كان يقيمها الشهيد الصدر عام 1966 في مدينة النجف الأشراف.
وأشار إلى أن الشهيد محمد باقر الصدر كان يبدي اهتماما كبيرا بالقضايا الإسلامية التي لم تجد صدي مناسبا بشأنها في الحوزات العلمية ومن هذه القضايا موضوع القرآن الكريم الذي كان يراه الشهيد جديرا باهتمام أكبر من الحوزات العلمية وفي سبيل ذلك قام الشهيد الصدر بتشجيع تلامذته علي البحوث والدراسات القرآنية.
وكنموذج علي هذا التشجيع أشار الشيخ الناصري، إلي أن الشهيد الصدر هو الذي حثه علي تأليف "مختصر مجمع البيان في تفسير القرآن" وهو من أهم المصادر التفسيرية ، مؤكدا أن الشهيد الصدر هو من حثني علي دخول مجال العلوم القرآنية لأنه كان يري أن القرآن هو السبيل الوحيد لانبعاث الأمة الإسلامية وأمانة الله ورسوله بين أمته.
وتابع القول: أن من أهم القضايا التي شغلت بال الشهيد "محمد باقر الصدر" هي تحكيم بنية الحوزة العلمية كالوريث الوحيد لمدرسة الرسول الأكرم (ص) وأهل البيت (عليهم السلام) ومن أجل ذلك فقد أبدي اهتماما كبيرا بإصلاح المنهج في الحوزات العلمية مما أثار حفيظة البعض من ذوي الفكر المرتجع.
وأكد على أنه يدين ببعض من كتبه إلي الشهيد محمد باقر الصدر وآراءه مشيرا إلي أن من الكتب التي كتبها متأثرا بالشهيد واهتماماته "التفسير المقارن" في 8 مجلدات و "اختصار وتلخيص تفسير التبيان للشيخ الطوسي" في 3 مجلدات والكثير مما كتبه في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم والذي كان يؤكد عليه الشهيد الصدر ويراه ذا أهمية عالية في سلم الفكر الإسلامي.
وفي صعيد آخر من حواره أشار الشيخ الناصري إلي الهموم الفكرية للشهيد الصدر قائلا: إن الشهيد الصدر كان يتمتع بفكر إسلامي وتاريخي شامل حيث يمكن الإشارة إلى اهتمامه بالحكومة الإسلامية مما دفعه إلي كتابة كتابه "الإسلام يقود الحياة" والذي كتبه أوان انتصار الثورة الإسلامية في إيران وقدم فيه إجابات علي أسئلة تتعلق بموضوع الحكم الإسلامي وحيثياته مما ساعد كثيرا الحكومة الإسلامية الحديثة العهد في إيران.
وتابع قوله: إن الشهيد الصدر كان مصلحا أخلاقيا يسعى إلي تربية جيل من المفكرين الملتزمين بالأخلاق والحيوية الفكرية لأنه كان يري أن التقهقر الأخلاقي والابتعاد عن التعاليم الدينية تؤديان بالمجتمع إلى خلل لا يسده شيء.
وفي إشارة إلي جهود الشهيد الصدر في سبيل إصلاح الأخطاء التي أحدثتها الحكومات المتتالية في مجري الفكر السياسي في الإسلام قال: إن الآراء السياسية للشهيد الصدر تشكلت تحت ظل التعاليم الإسلامية ولذلك فقد أنجذب إليها الكثيرون حتى من أعداءه من الزمرة البعثية الذين لم يستطيعوا غض الطرف علي طرافة آراءه وكتمان انجذابهم إليها.
وصرح الشيخ الناصري أن للشهيد الصدر حقا كبيرا علي الأمة الإسلامية بسبب صرخاته الإصلاحية وجهوده التي بذلها في سبيل سد الثغرة بين مختلف مكونات الأمة الإسلامية وتتجلي ميوله التقريبية التي أتسمت بها حياته في دعوته الشهيرة التي أطلقها قائلا "يا أبناء علي والحسين ويا أبناء أبي بكر وعمر إن المعركة ليست بين الشيعة والحكم السني".
وختم آية الله الناصري القول: إن الشهيد الصدر مصدر فخر واعتزاز الأمة الإسلامية جمعاء ولم يقدر أحد شخصيته الفكرية حق تقديرها إلى الآن وتقع علي عاتق الجميع وخاصة تلامذته مسؤولية كبيرة في عرض آراءه والتعريف بها لكي يتسنى للجميع من أفراد الأمة الإسلامية الاستفادة من آراءه الإصلاحية العميقة وخاصة فيما يتعلق بالقرآن الكريم.
الجدير بالذكر، إن آية الله الشيخ محمد باقر الناصري، هو أحد تلامذة الشهيد السعيد محمد باقر الصدر، وممن لازمه في آخر حياته، ولد في العراق عام 1931 وأدى دورا فاعلا في تنفيذ المواد التي أقترحها الشهيد الصدر لإصلاح الحوزات العلمية وتأثر كثيرا بآراء أستاذه محمد باقر الصدر، كما انه يعد حامل اهتمامات الشهيد الصدر إلي يومنا هذا.