جمعية التضامن / خاص
الجزء الاول
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما اكبر من نفعهما (البقره 219 )
وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون( المائدة 90 ).
وجاء في مكارم الأخلاق عن الرسول (ص ) قال :جعلت الذنوب كلها في بيت وجعل مفتاحها شرب الخمر . وقال (ص) يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه عز وجل . وقال (ص) :كل مسكر حرام وما سكر كثيرة فالجرعة منه حرام .
وقال (ص) عن الخمر:لعن الله الخمر وعاصرها وغارسها وشاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة اليه .
وقال (ص): شارب الخمر لا يقبل الله عز وجل صلاته اربعين يوم فأن مات في الأربعين مات كافراً .
وفي التداوي بالخمر ، فقد روى ان رسول الله (ص) قال ان الله انزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداوَوْ ولا تداوَوْ بالمحرّم . ونهى رسول الله (ص) عن الدواء الخبيث . وعن طريق بن سويد الجنهي انه حين قال للرسول (ص) انه يصنع الخمر للدواء ، قال له الرسول (ص) انها داء وليست بالدواء . وروي ان الرسول (ص) قال : من تداوي بحرام لم يجعل الله فيه شفاء . وروي ان رسول الله (ص) قال : من أصابه شيء من هذه الأدواء فلا يفزّعن إلى شيء مما حرم الله عليه فأن الله لم يجعل في شيء مما حرم شفاء .
وروي نفس الحديث عن الأمام الصادق ( ع). وروى عن عمر بن أذينه قال كتبت الى الأمام الصادق (ع) اسأله عن الرجل ينعت له ( الخمر ) من ريح البواسير فيشربه بقدر اسكرجه من نبيذ ليس يريد بها اللذة انما يريد به الدواء . فقال (ص) ..لا .. ولا جرعة وقال أن الله عز وجل لم يجعل في شيء مما حرم دواء ولا شفاء .
وروي أن أم خالد العبيدي دخلت على الأمام الصادق فقالت انه يعتريني قراقر في بطني وقد وصف لي الأطباء النبيذ بالسويق . فقال لها وما يمنعك من شربه . فقلت : قد قلدتك ديني . فقال : فلا تذوقي منه قطرة ، لا والله لا آذن لك في قطرة منه فأنما تندمين إذا بلغت نفسك الى هاهنا ، وأومئ بيده الى حنجرته .. يقولها ثلاثاً ، أفهمت ؟!! فقالت نعم ، ثم قال ما يبل الميل ينجس حّباً من ماء . يقولها ثلاثاً . وجاء في طب الأئمة ان الأمام الصادق (ع) سئل عن دواء يعجن بخمر ، فقال ما أحبُّ ان انظر اليه ولا أشمه ، فكيف أتداوى به وفي رواية أخرى لايحل للمسلم ان ينظره ، فكيف يتداوي به .. وما اكثر الأحاديث التي رويت في هذا الباب ، وان هذا القدر كافٍ ومجز .
الخمر في اللغة هي كل مسكر مخامر للعقل مغطٍ عليه, وخمر الشيء ستره . ويقصد بالخمر الكحول الاثيلي او الايثانول ، صيغته الكيماوية CH3-CH2OH . لقد عرفت الخمرة منذ فجر التاريخ حيث صنعت من تخمير المواد السكرية والنشوية . يمتص الكحول سريعاً من الجهاز الهضمي وتعتمد سرعة امتصاصه على كون المعدة فارغه او ممتلئة وعلى تركيز الكحول في الشراب فهو يصل اقصى سرعة في الامتصاص عندما يكون تركيزه في الشراب 10-15% في معده فارغة . تمتص ربع كمية الكحول من المعدة وثلاث أرباعه من الجزء الأول من الأمعاء . يظهر الكحول في الدم بعد مرور خمس دقائق على تناوله ويصل ذروة تركيزه في الدم بعد ساعة تقريباً . يعتمد تركيز الكحول في الدم على جرعة الكحول المتعاطاة وتركيز الكحول في الشراب . ان العلاقة بين تركيز الكحول في الدم وظهور أعراض وعلامات السكر متفاوتة بين شخص واخر وتعتمد على السرعة في تعاطي الكحول وسرعة ايض الكحول واستقلابه في الجسم وتزداد سرعة ايض الكحول وطرحه لدى الأشخاص الذين تعاطوه سابقاً خصوصاً المدمنين ، لذا فأن المدمن على الكحول يحتاج الى تركيز اعلى لتظهر عليه علامات السكر وكذلك فأن الجرعة السامة للكحول متفاوتة بين الأشخاص وتتراوح بين 400 و700 ملغم/100 مليلتر من الدم وان هذا التفاوت يحكمه التعاطي السابق ،فأن 400 ملغم/100مليلتر من الدم كافية لان تقتل شخصاً يتعاطى الكحول للمرة الاولى .
ان الكبد هو المكان الرئيسي لايض الكحول حيث يتأيض بالأكسدة بأنزيم نازع الهيدروجين من الكحول (ديهادروجينز الكحول ) متحولاً الى الاستلدهايد الذي يتأكسد بأنزيم نزع هيدروجين الاستلدهايد ( ديهاديروجينز الاستلدهايد) الى الاستيت او الاسيتل كو-انزيم-آ Acetyl Co-Enz A وان هذا الأخير يدخل دورة كربس Krebs ليكون ثنائي أو كسيد الكاربون والماء . ان إنزيمي الايض المذكورين انفاً مسؤولين عن تحويل النيكوتينامايد ادنين داي نيوكليوتايد NAD الى شكله المختزل NADPH وان تعاطي الكحول يؤدي الى خلل ايضي مثل ( إفراط الدهون والحماض او الكيتوسز وفرط حامض اللاكتيك وفرط اليوريا في الدم ) التي تلاحظ لدى المدمنين على الكحول . ان الاستلدهايد ابطأ ايضاً من الكحول وله دور اساسي في امراضية الكحول على الأنسجة . فضلاً من ذلك فأن تعاطي الكحول طويل الامد يؤدي الى حث انزيمات الأكسدة الكبدية مما يعجل لاحقاً من ايض الكحول والكثير من الأدوية الأخرى . أن سرعة ايض الكحول تبلغ في الشخص البالغ 7 غم/ساعة وفي هذه السرعة فأن تركيز الكحول في الدم ينخفض حوالي 10 ملغم/100مللتر دم / ساعة ( 1 ، 2 ، 3 ).
مضار الخمره على الجهاز الهضمي (1،6)
- يحدث الخمر تغيراً في التركيب النسيجي للجهاز الهضمي ويقلل من الفعالية الأنزيمية في الأمعاء مؤدياً الى اضطراب امتصاص الفيتامينات والأملاح والمعادن ، كما ان الكحول يحرر من السعرات الحرارية ما يغلق به الشهية للطعام مؤدياً الى ظهور أمراض عوز التغذية والفيتامينات .
- من التأثيرات الحادة للخمر هي دوالي المرئ وقد تكون مصحوبة بالنزف خصوصاً مع ارتفاع ضغط الدم البابي portal .
- للخمره تأثيرات على المعدة وتؤدي الى التهاب المعدة الحاد وربما يكون مصحوباً بالنزف كما ان نسبة حصول قرحة المعدة لدى المدمنين اكثر من غير المدمنين كما قد يحصل اسنلاخ ظهارة المرئ أثناء القيء وهي من الحالات الطبية الطارئة التي تتطلب تداخلاً طبياً وجرحياً . ومن الجدير بالذكر ان الكحول غالباً ما يستخدم لاحداث التهاب وقرحة المعده في الحيوانات المختبرية كنموذجاً مختبرياً لدراسة تأثير الأدوية في علاجها .
- تحدث الخمرة التهاب البنكرياس الذي غالباً ما يرى لدى من يتعاطى الخمرة من 8-10 سنوات وليس له صورة سريرية واضحة ما عدا ألم البطن والغثيان والقيء ، ويعد التهاب البنكرياس أحد أشيع أضرار الكحول التي توجب الدخول الى المستشفى وربما ينتهي بانخفاض الكالسيوم وارتفاع سكر الدم وفقدان السوائل والجفاف والصدمة shock .
- مضار الخمرة على الكبد (3،7،8)
ان تأثير الخمرة على الكبد تقسم الى ثلاث مراحل وهي تشحم الكبد الكحولي fatty liver وتظهر على الأغلب لدى كل من يتعاطى الكحول وتعرف من قبل البعض على أنها حالة تحدث عند تعاطي على الأقل 70غم كحول يومياً ولايام قلائل ، اما المرحلة الثانية فهي مرحلة التهاب الكبد alcohol hepatitis وهي تأثيرالتهابي سام للكحول ويحدث في 10-30 % من الذين يتعاطون الكحول وتعد تأثيراً حاداً ومزمناً للكحول وان نسبة عالية من هؤلاء يتطور لديهم المرض الى المرحلة الثالثة وهي تليف الكبد liver cirrhosis . ان درجة وشدة الآفات تعتمد على كمية وفترة تعاطي الكحول وقد عزز ذلك باحداث المرض تجريبيا في الحيوانات المختبرية .
تشحم الكبد الكحولي : ان تعاطي الكحول يؤدي الى أحداث تغيرات شحميه ولوحظ ان تعاطي جرعة واحدة يؤدي الى تحرر الاحماض الشحمية من المخازن الشحمية وتراكمها في الكبد . حيث ان زيادة الخلات acetate نتيجة تعاطي الكحول يؤدي الى تحريك الشحوم من الأنسجة الشحمية . ان الكحول يؤيض بالأكسدة بالانزيم المزيل لهيدروجين الكحول وان هذه العمليات تؤول الى تحرر شوارد الهيدروجين الذي ينعكس بأزدياد نسبة NADPH :NAD . ومما هو معروف ان بعض الكحول يؤيض بالخمائر المايكروسومية في الشبكة الهيولية الداخلية sarcoblasmic reticulum وتعرف هذه الطريقة بالاكسدة المايكروسومية للكحول وتعتمد على الشكل المختزل للـNAD أي NADPH .ان نسبة الكحول المؤيض بأنزيمات مزيله هايدروجين الكحول الى نسبة الكحول المؤيض بالأكسدة المايكروسومية في الشبكة الهيولية الداخلية هي 1:3 تقريباً ولكن تعاطي الكحول المزمن يؤدي الى زيادة نسبة الشبكة الهيولية الداخلية لزيادة نسبة الاكسدة المايكروسومية. ان زيادة الشبكة الهيولية الداخلية يعتبر معياراً لضرر الكبد الناجم عن الكحول ،ويبدوا ان تحريض عدد من أنظمة الانزيمات المايكروسومية يصاحب زيادة الشبكة الهيولية الداخلية مما يؤدي الى تأثيرات على ايض الشحم في الخلايا الكبدية . فضلاً من أن الكحول يؤدي إلى تورم وتكون أشكال عملاقة من المايتوكوندريا مع عدم انتظام حروف المايتوكونديا المصحوب بازدياد هشاشتها ونفاذية أغشيتها . ان محصلة هذه التغيرات على ايض الشحوم في الكبد هي :-
1- زيادة تكون الشحوم lipogenesis .
2- تراكم الاحماض الشحمية الذي يستفحل بالأذى المباشر على المايتوكوندريا . اضافة الى ذلك توجد زيادة في تركيز α-glycreophosphate الذي يؤدي الى اصطياد الأحماض الشحمية من قبل الخلايا الكبدية ثم تحدث استرة لهذه الأحماض الشحمية من قبل الخلايا الكبدية في الشبكة الهيولية الداخلية الى كلسريدات ثلاثية triglycerides التي يتراكم بعضها في الكبد . فضلا عن ذلك فأن زيادة تحدث في البروتينات الشحمية في الشبكة الهيولية الداخلية وينقل قسم من الكلسريدات الثلاثية الى الدورة الدموية مؤدية الى زيادة دهون الدم hyperlipidemia .
3- تراكم بعض استرات الكولستيرول . وان ذلك يعود الى تكوين الكولستيرول في الشبكة الهيولية الداخلية من جهة وانخفاض معدل ايض الكولسترول من جهة اخرى .
التهاب وتشمع الكبد
أن الحيثيات التي تؤدي الى التهاب وتشمع الكبد لا زالت غير معروفة تماماً . ان حجم كمية الكحول المتناول وفترة تعاطيه لها علاقة بأحداث هذه التغيرات . تفيد التقارير الكمية إلى ان تناول 80-160 غرام من الكحول يومياً ( ثلث الى ثلثي قنينة من المشروبات الروحية او 1-2 قنينة من النبيذ او 4-8 قناني من البيره ) لمدة 5 سنوات يؤدي الى التهاب وتشمع الكبد . ومهما يكن فأن هناك عوامل غير معروفة عند الشخص تقرر استعداده للاصابة بهذه الآفة . أن الادله السريرية تشير الى ان التهاب الكبد الكحولي يحدث في نسبة 35% فقط من مدمني الكحول وان ثلث هذا العدد تتطور الإصابة لديهم الى تشمع الكبد وتتميز آفة التهاب الكبد بوجود انتفاخاً وتنخراً في الخلايا الكبدية مع ارتشاح للكريات البيض العدله neutrophil وتبدلات شحمية وتليف . وتظهر العلامات السريرية لالتهاب الكبد ومنها تضم الكبد واليرقان وتضخم الطحال وحمى واستسقاء . اما تشمع الكبد فيتميز يتليف وتندب وانتشار الحواجز الليفية بين الباحات وحول الوريدات والسبل البابية وتشمعاً صغير العقيدات micronodular ثم تشمعاً كبير العقيدات macronodular ويصاحبه تعب وفقدان وزن وتضخم الثدي واورام وعائية عنكبوتية الشكل واحمرار راحات اليدين فضلاً عن أعراض التهاب الكبد . ان تشمع الكبد هو مشكلة كبيرة حالياً في بلدان العالم . وفي مستشفيات لندن وجد ان أهم أسباب أمراض الكبد هو تعاطي المشروبات الكحولية وان كانت بكميات قليلة جداً . وقد بلغت نسبة الوفيات بسب تشمع الكبد في بريطانيا للفترة من 1970-1978 بين الرجال 27% و بين النساء 24% من مجمل الوفيات .
مضار الخمره على الجهاز العصبي ( 9، 10 )
الهذاءات والأوهام الخيلانية المرافقة للخمر
وتشمل الهذاءات والغيره الكحولية morbid jealousy التي قد تصل بالفرد الى درجة الشك في تصرف الزوجة واتهامها بالخيانة delusion of infedility والهلاوس الكحولية alcoholic halluicnosis وتشمل تلك الهلاوس هلاوساً سمعيةوبصريه تتمثل برؤية اشكال وسماع اصوات غريبة لا مصدر لها وقد يرد عليها في بعض الأحيان ، وكذلك الخداع الحسي والأفكار الاضطهادية (5).
ويروى في الجاهلية ان عبدالله بن جدعان التيمي كان ضمن ممن حرم على نفسه الخمر بعد ان كان بها مغرماً ، وذلك لانه سكر ليله ، فصار يمد يديه ويقبض على ضوء القمر ليأخذه ، فضحك منه جلساؤه ، وحين أُخبر بذلك عندما صحا ، حلف أن لا يشربها ابدا. وقيل لاعرابي مالك لا تشرب الخمر ؟ قال : لثلاث خلال فيه:لانه متلف للحال ، ومذهب للعقل ومسقط للمروءة
الدكتور علي اسماعيل