رمضان والحلوجية :
بحلول شهر رمضان المبارك على العالم الاسلامي تعم الفرحة جميع المسلمين لأنه شهر الخير والطاعة والبركات وعادة مايكون سلوك الفرد اي طبيعة عمله خلال اليوم في شهر رمضان مغايرا تماما لسلوكة خلال الايام الاخرى من السنة.حيث تكون هناك طقوس خاصة عند اغلب المسلمين خلال هذا الشهر يمارسها دون ان يكون قد اعتاد عليها تفرضها عليه قدسية هذا الشهر لما لرمضان من أهمية حيث ميزه الله سبحانه وتعالى وفضله على الاشهر الباقية من السنة حيث انزل الله تبارك وتعالى القرآن كما في الآية : { شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان }، كما ان لرمضان حرمة خاصة حيث تغلق نهار كل يوم المقاهي والمطاعم ومحال الاكل والشراب طيلة هذا الشهر ويخصص للمفطرين اماكن خاصة للمسافرين والمرضى (( العذر الشرعي )) وعادة ماتحجب بستار وفي هذا الشهر عدد من المناسبات منها ليلة القدر وولادة الإمام الحسن (ع)، وشهادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، كما يمارس الأطفال خلال هذا الشهر لعبة ((الماجينة)) وهم يرددون الأهازيج الخاصة بالمناسبة أمام أبواب البيوت هي :
ماجينة ياماجينة حل الجيس وانطينة
الله يخلي راعي البيت آمين
بجاه الله وإسماعيل آمين
ويزورنا خلال هذا الشهر من كل عام المسحراتي ((ابو طبيلة )) الشخص الذي يجوب الطرقات ليلا ليوقظ الصائمين من النوم بالضرب على الطبل وايعازا منه لأمهات البيوت لإعداد وجبات السحر.
هناك ميزة أخرى في هذا الشهر كثرة المجالس التي تتأخر بعد منصف الليل والتي يرتادها الناس الذين يعشقون هذه المجالس واستقبال بعضهم البعض وتفتح المقاهي أبوابها عند الإفطار ولا تغلقها إلا عند السحر وتتخلل هذه الساعات لعبة ((المحيبس التي يتخللها عادة تناول الحلويات والأطعمة الأخرى المعدة لهذه اللعبة)). اما أصحاب مهنة عمل الحلويات والمعجنات في الناصرية فقد كانت أعدادهم قليلة ثم بدأت هذه المحلات تتطور وتتسع نتجة لتراكم الخبرة وكثرة من يعمل فيها لانتعاش الحالة المعاشية ومن بينهم : عبد الهادي حسين الشكرجي الذي جاء إلى الناصرية عام 1957 قادما من مدينة النجف بدعوة من أحد اقاربه ممن سبقه السكن في الناصرية فاقترح على عبد الهادي بالمجيء إلى الناصرية والعمل في هذه المهنة، وفعلا جاء اليها عام 1957م بناءا على هذا المقترح وتم العمل في بيت صغير كمعمل لصنع الحلويات البسيطة مثل : أصابع العروس ، الحامض الحلو، وعصا القاضي، المسقول، أبو الهيل، الجكليت، ثم توسع العمل وزداد إقبال الناس على شراءها مما شجعه على بناء معمل ومعرض لصنع الحلويات وتم له ذالك وفتح المعمل في شارع الجمهورية مقابل مكتبة الاهالي وكان ذلك عام 1959م وبقي يزاول مهنته بنجاح وأخذ يصنع الحلويات والمعجنات باختلاف انواعها مثل الزلابية والبقلاوة والحلاوة الشعرية والرملية والسمسمية والمستكية والدهينة واللقم بأنواعه والجكليت ومن السما. وفي السنوات الأخيرة من حياة الحاج عبد الهادي حاول ان يودع المهنة لدى أحد أولاده خوفا عليها من الضياع فعلا أخضع ولده مؤيد تحت التجربة حتى اتقنها وبعد وفاة الحاج عبد الهادي عام 1983م والتحاق ولده مؤيد بالخدمة العسكرية أغلق المحل ولم يستمر واسدل الستار على أحد أهم محل لبيع الحلويات في الناصرية أما الحاج خورشيد رشيد الكاهجي رحمه الله فقد عمل في هذه المهنة منذ بداية الأربعينات من القرن الماضي وبعد من ضمن الاوئل الذين مارسوا هذه المهنة وكان محلة آنذاك في مدخل سوق القصابين حاليا وكان يعمل عنده الكثير من العمال ومن خلالهم انتشرت محال بيع الكاهي في الناصرية ومن الذين عاصروا الحاج خورشيد في عمل الكاهي كاظم طه الشكرجي والحاج هليل جبر الكاهجي الذي كان يعمل في محلة الكائن في شارع الجمهورية مجاور محلات سيد علي التجارية في منتصف الخمسينات وكان قبلهم ستار الكاهجي الذي مارس مهنته في محله الكائن في شارع الجمهورية في نهاية الثلاثينيات وكان يعد ستار الكاهجي صاحب أقدم محل للكاهي في الناصرية وجاء بعدهم شريف عويد الذي مارس المهنة لأول مرة مع الحاج هليل ثم استقل لوحده عام 1957م بجوار ستار الكاهجي قبل أن ينتقل إلى محله الكائن في شارع الحبوبي عام 1965م كان يعمل الكاهي في الصباح والزلابية والبقلاوة في المساء حين كان هناك باعة متجولون للحلويات منهم المرحوم كاظم سندال والمرحوم ابو سبتي وضاري وغيرهم.
من كتاب الناصرية تاريخ ورجال / الجزء الرابع
ص244 ص245 ص246
تأليف عبد الحليم أحمد الحصيني