وجوه سكنت في القلوب وترعرعت في بين أبناء المدينة، والابتسامة لاتفارقها حتى في أشد حزنها، هذا مما يدل على الشخصية الرصينة التي لها أهمية كبيرة في المجتمع، ومثل هذه الشخصيات عاشت في مدينة مثل مدينة الناصرية، منها.
السيد خلف جبر البكاء، كتب عنه نعيم عبد مهلهل قائلا :- بعنوان
الأخلاق في مكارم أهلها
في الناصرية رجال حين تتذكرهم ذاكرة الاجفان تهبط الدمعة احتراما وتقديسا لمحياهم الجميل وتلك الرائحة المسكونة بالهدوء والطبية والقدسية التي تحتفظ بها الناس في تراكم الأجيال.
والسيد الجليل خلف السيد جبر البكاء (1918 ــ 1994 ) هو من بعض ما تركه الأثر الطيب في هذه المدينة وربما يسجل له بين اهله ومحبيه وأبناء مدينته ذلك الوقار الهادئ وتلك الطيبة المستكينة بين عينيه وانت تطل على نظرته الهادئة والتي تعودت عليها صباحات شارعي 19 و 20 وهو يستفتح الرزق في حانوته في اول مقدمة الشارع في بيتهم العريق قرب كراج البلدية.
السيد طاهر البكاء سليل عائلة موسوية عريقة انتمت الى البيت النبوي بأصل عريق ولها رجال افاضل خدموا الدين والمدينة وكانت النجف والناصرية وناحية الفضلية حواضن وجودهم.
من اسرة هاشمية عريقة كل رجالاتها هم سادة للخير والعطاء والمكارم. وأهم ما يشهد لهذا السيد الجليل المتواضع أهل محلته في شارع 19 حيث يصفونه مثالا رائعا للطيبة والتواضع والايمان والتعفف ليسجل بسمو خلقه وطبائعه الخلوقة مع جيرانه صورة للسيد المتألق شرفا في الانتماء الى اهله وناسه ، ومكابرته حتى مع الالم الذي اصاب قلبه وعينيه يوم اتوا بأصغر ابناءه ( سيد عبد الحليم ) شهيدا في الانتفاضة الشعبانية ، انكسر فيه الخاطر والدمعة لكنه بقي بشوشا ومؤمنا بقدر الله وليظل في ذات المكانة والجاه والمحبة وفي حانوته الصغير في اول الشارع حيث تعود جيرانه واهل مدينته الناصرية على تلك الملامح الطيبة للسيد الوقور خلف جبر البكاء. عاش حياة عصامية ربى ابناءه فيها احسن تربية ليصل فيهم الوزير واستاذ الجامعة ورجل الاعمال، وجميعهم (الدكتور طاهر، سيد عيسى، الدكتور يحيى ، سيد امين) يمثلون فخرا لهذه العائلة التي انتمت للناصرية ومثلت في وجودها من بعض سمات وجودها واعلاء شأنها. السيد خلف جبر البكاء صورة مشرقة للذات العلوية المؤنة بذلك النسب الشريف وقد اسماه المرحوم ابيه خلف لأنه كان ملتحقا في جهاد الشعبية مقاتلا ضمن لواء السيد الحبوبي فأتى ابي طاهر الى الدنيا فسماه خلف حتى يخلفه في قضيته ان كتبت له الشهادة.
هذا السيد الجليل بعاطفة روحة وهدوء المحبة الساكنة في عينية والي افتقدته اسرة البكاء في تسعينيات القرن الماضي، كان لرحيله واقعة حزن في اسى ان تفقد الناصرية واحد من وجهها التي تسكين اليها الناس في صباحات رزقها وقد كانت تحية السيد خلف البكاء واحدة من طقوس جيرانه وأبناء مدينته.
للرجل الساكن في وجدان تاريخ المدينة. هدوء الروح وتلك النظرة التي كلما كنت انا وولده صديقي امين البكاء نترحم على روح لها عاطفة وايمان قوي.