شخصية دينية اجتماعية متواضعة من مواليد مدينة الحلة، هاجر إلى مدينة الناصرية مذ القدم، كان شيخا كريما طيبا ومثقفا،وكتب عنه الاستاذ نعيم عبد مهلهل قائلاَ :-
الشيخ نور الشيخ جابر ..
نور القلب والمنبر الحسيني
العطاء عند اهل الناصرية في اغلبه بقدر الايمان الذي في قلوبهم ، أنها بديهية الرؤيا عندما تريد المدينة ان تسجل تواريخ واساطير وجوه أبنائها ، وربما سعة الاجتهاد يحسمه قيمة ما تقدمه تلك الوجوه حتى في ابتساماتها ، ولهذا فأن مدينة مثل الناصرية تشكل في تقديرها لنبض قلوب أبنائها قيمة وتوهجا وارتباطا حقيقا بين المدينة كمكان وتأريخ وعاطفة وبين أبنائها على مختلف طبقاتهم وانتماءاتهم وثقافاتهم ، وربما من بعض الاضاءات اللامعة في شذى الذكريات وجوه اثرت في مشاعر طفولتنا ونحن نشاهد مقدار النور والايمان والوطنية التي تملئ الوجوه ، لهذا متى اردنا ان نستعيد بهجة الماضي لحاضرنا هذا نستعيد تلك الوجوه مثل ايقونة مضيئة ، واحد هذه الوجوه هو الشيخ نور الشيخ جابر المولود في مدينة الحلة عام 1874 والمتوفي في صباح ناصري حزين عام 1965 ، حيث استيقظت كما تتخيل ذلك الصباح طفولتي ،استيقظت كل الناصرية على نواح جدران البيوت وكان تشيعا مهيبا ، مشيت في الى جانب ابي الذي كان يبكي لان الشيخ العالم والمحب للخير والفضيلة ، والخطيب والقارئ كان صديق جدي ( مهلهل منشد تالي ) ، ( 1888 ــ 1958 ).
وأتذكر تلك الاعداد الهائلة من صور الشيخ نور التي لصقت على جدران وابواب المدينة حزنا على رجل كان نواح الناس على فقده يسمع في نهاية شارع الحبوبي في الجانبيه يوم حملوا النعش من بيته القريب من جامع فالح باشا السعدون قرب سوق المرحوم السيد سعد بنيان.
مشى ابي مع نحيبه وهو يذكر طفولتي في عمر الثمان سنوات وانا اذهب معه كل ليلة الى بيت الشيخ نور لحضور مجلسه ومحاضراته ودمعته على آل البيت في ملاحم رحيلهم الدامي ، وكان لصيق كرسي الشيخ يجلس على الدوام الحاج محمد حسن الصريفي ، لصلة المودة والتجاور والمواصلة العائلية بين بيت الشيخ والصريفيين ، حتى انه وفاءا لتلك المودة اعطى احدى كريماته زوجة الى واحد من احفاد الشيخ الجليل الذي انتمى الى الناصرية روحا ووجدانا والتي انتقل اليها والسكن فيها مع عائلته من الحلة بعد عام من ولادته. وأظن ان هذا الحفيد اسمه علي ولديه محل للالبان قرب بيت جده.
لم يكن بيت الشيخ نور المعروف بطيبته وورعه وثقافته التربوية والدينية وهدوءه وطيبته وكرمه ببعيد عن بيتنا، لهذا فأن جميع المسائل الفقهية والاسئلة الدينة لبيوت شارعنا كانت تؤم اليه، وطالما أرسلت امي والدي رحمه الله ليستشرع عنده قضية ورث البيت الذي كنا نسكنه وكان مسجلا باسم جدي.
أتذكر في طفولتي تلك اللحظات القدسية التي كنا نجلس فيها أمامه، لنشعر أن النور كله يخرج من اجفان الشيخ نور.!