مركز التضامن للإعلام
قلوب مملوءة بالمودة والعاطفة ووجوه مشرقة بالابتسامة البيضاء ، محمد الصباغ ،شخصية حسينية متواضعة،
كتب عنه الاستاذ نعيم عبد مهلهل قائلا :-
محمد الصباغ
دموع الحيطان الملونة
نعيم عبد مهلهل
الكتابة عن الوجوه الطيبة في مرايا هذه المدينة تشعرك اننك تقوم بمهمة نبيلة، وكأنك تؤسس لأحياء الذكرى على جسد المدينة وروزنامانتها وحتما هذه الوجوه الطيبة تستحق ان تعيش خلود الذكر في كتب التأليف لتصير حكاية واستذكار لدى الأجيال، وربما سيجدون أيضا من يدون حياتهم حين يكبروا، والان استذكر وجها طيبا من تلك الوجوه.
فيوم أتاني خبر موت محمد لزام غالي السعدون المعروف لقبا بين الناس باسم مهنته (محمد الصباغ) أدركت أن الموت في خياراته قد يكون قاسيا وبحده حين يسرق أولئك الذين ينتمون الى الناصرية من خلال طيبتهم وبراءة قلوبهم. وعرفت انه في آخر سنواته قضاها قليل العمل وكرس نفسه ليكون خادما حسينيا ومن اجل مصلي جامع السيد راضي القريب من عمارة الحبوبي.
المرحوم محمد الصباغ الذي تطارد الابتسامة وجهه وتصبغ ملامحه ألوان فرشاته التي كان يمشي بها على جدران البيوت ليلونها بكل أنواع البنتلايت ومعها كان يلون ابتسامته بالفقارية والسكينة والابتسامة البريئة وقبوله أوطأ الأسعار لأبناء مدينته.
لكنه ترك فرشاته وسطل البوية والبنتلايت وغادر جدران البيوت التي لون فيها نبض قلبه وبساطته وكان الأقرب الينا في الاستجابة لعونه وطالما تعاملت معه لشعوري انه كان بسيطا ويرضى بكل شيء.
أخبرني مرة وهو يصبغ لنا قاعات النشاط المدرسي انه مرة كان يقف في مسطر العمالة عندما جاء اليه رجلان دعوه في نفس الوقت للعمل عندهم واحد في شارع بغداد وآخر بيته في حي الشهداء، وحتى يغريه أبو شارع بغداد للعمل عنده وكان هو الصباغ الوحيد الواقف في المسطر قال له: سيكون فطورك قيمر، وغدائك دجاج شوي. وحين سمع صاحب بيت حي الشهداء هذا قال له: بوية محمد روح وي أبو الدجاج احسنلك تره عمك انه لا املك لك سوى الخبز والتمر واللبن، بالكاد سأصبغ البيت.
يقول محمد: كاد الدمع يطفر من عيني وفلت الى أبو الخبز والتمر، عمي انا سأذهب معك.
قصة مؤثرة تتحدث عن قلب هذا الانسان المتواضع والبسيط والذي كنت اجلبه الى بيتنا عندما نريد ان نجدد صبغ الجدران، وحين يأتي ليصبغ لنا في النشاط يكون مرتاحا جدا لان الاخوة في قسم الموسيقى سيمازحوه ويشبعوه نكاتا وهو ما يحبه المرحوم محمد تماما
توفي محمد الطيب والذي يعرفه الناس بأنه صباغ ماهر ومتساهل، قضى كل حياته كادحا وتعلم المهنة واتقنها منذ ان كان طفلا لهذا اكتب الان نشيد روحيا لذلك الوجه البسيط والمتسامح والذي رايته اخر أيامه مرتديا طاقيته فعرفته انه صار يؤم الجامع خادما وقال لي انها أفضل ما يجب ان يقدمه محبي اهل الصلاة والمنابر
رحل محمد وبقيَّ على الجدران آثار فرشاته والدموع الملونة