شخصية اجتماعية حسينية، عاشت مع المنبر الحسيني، كان صوته يشد دمعة عاشور الى صدور ونحيب المعزين باستشهاد الحسين.ع.
ملا نجم الرادود
منبر وقصيدة وجامع ابو سدره
نعيم عبد مهلهل
احتفى شارع الحبوبي في الناصرية ببيوت عريقة ، بينها الغني وبينها الفقير، موظف الحكومة والكاسب ، المتدين والمنتمي لعلمانية اليسار الى المد القومي ،وفي المحصلة هذه البيوت يجمعها هاجس الحب بآصرة غريبة لم تنفرط يوما ما .
كان شارع الهوا ، هو هوى خيالتنا الطفولية ،فلم يكن في الناصرية شارعا اعرض منه ولا أطول ، وعلى امتداد ارصفته تضرب ايقاعات خطوة نزهة المكان وتلم دكات البيوت صحبة السمر وانتظار بنات الميني جوب.
غادرت تلك الحياة لانها لاتصلح للمجانين ،هكذا همس لي ذات يوم المرحوم سهيل نجم الرادود ونحن نستذكر امسنا القديم ايام كان صوت ابيه المرحوم ملا نجم الرادود يشد دمعة عاشور الى صدور ونحيب المعزين باستشهاد الحسين ع . وكانت اغلب رداته يبدأها بمستهل من تأيفه هو ويقف منتصبا على منبر جامع الحاج طالب الواقع في سوق الحدادين مقابل سيف الطعام ويسمونه جامع ابو سدرة كون شجرة سدر كبيرة كانت تزين باحته .
لم يزل صدى صوت ملا نجم الرادود يعمر فينا الحنين الى ازمنة كانت الناس فيها تحب الحسين من اجل الحسين ع . ولهذا مثل الرجل ببساطته وطيبة قلبه وتفانيه وتطوعه مجانا ليبعث لنا من عذوبة صوته مواويل نحيب السبايا بعد فاجعة العاشر من محرم .
كنا نبكي لأن صودت ابو سهيل يذهب الى اعمق ما في الوجدان من نغمة حزن ،وكان ابائهم يجعون ايديهم على جبينهم ،ومتى وصلت قصيدته الى اللحظة التي يخر فيها ابي عبد الله صريعا يتعالى نحيب الاباء :وا ويلاه...
تلك الايام سجلها صوت هذا الرجل الطيب الذي كان اولاده معنا يرسمون حنين صداقة كان يجمعها المرحوم لقمان حميد كسار على زقاق بيتهم وقرب عربته الاسطورية..
مات الملا نجم الرادود ولحقه اثنين من ابناءه هم سهيل ، المثقف الذي حمل حلم منفاه الى فرنسا ،وعاد الينا بذهن شارد وطيبة مفرطة وحزن مكتوم هو من قتله في حسرة مجهولة .
وصديقي المرحوم حيدر وكان حلاقا ماهرا مات في غربته ايضا . فيما بقي اخيهم الاصغر عقيل يمثل ارث تلك العائلة الطيبة في الناصرية واخر ما كنت اراه كنت اراه يعمل مع بيت الحاج حالوب في تجارة السكائر والمواد الغذائية.
ملا نجم الرادود حيث سكن الزقاق الضيق في شارع الحبوبي امام بيت المرحوم حاج عوض والحاج شويل ، رسم في ايقاع صوته روح ازمنة كانت تشدو بعاطفة الانتماء للدين عبر صوت الولاء والثورة ومظلومية الفقراء ،وطالما منعوه من صعود المنبر ليشدو قصيدته ،لكنه كان يعود اليه برغبة تسكنه وصوت بعيد آت من طف كربلاء يقول له :ملا نجم ابي عبد الله ينتظر قصيدتك الحنونة عن دمعته.