مركز التضامن للإعلام
تعدد الطرق والوسائل التي من خلالها يتمكن المؤمن الموالي لأهل البيت -عليهم السلام- تقديم خدمة تصب في انتشار وتعميم قضية الخدمة الحسينية ومحاولة تجذيرها في النفوس وتأصيلها وجعلها متوارثة في العائلة والعشيرة والمدينة ومن ثم تنطلق كتجربة ناجحة للعالم، وكثيرة هي الأسماء الخالدة واللامعة في سماء الخدمة الحسينية من قراء ومنشدين ورواديد وغيرهم من الذين وفقوا لمثل هذه النعمة، ومنهم المرحوم الحاج حميد بكه والذي كتب عنه نعيم عبد مهلهل قائلا:
عاشت قضية الحسين في ضمائر الفقراء والأغنياء من أبناء مدينة الناصرية بهاجس متساوٍ ، لكنه عند الفقراء مثل حلما سعت إليه أرواحهم ليخدموه بطقوس كل عام ، تلك المواكب الحسينية الراجلة والتي زاد عددها على أكثر من عشرين موكب في عموم مدينة الناصرية .
تعرف الناصرية وبالفطرة ومنهم صاحب موكب الحسين المظلوم الحاج المرحوم حميد بكه تولد 1935 بأن الحسين عاش من أجل قضية المظلوم في وجه طغاة جعلوا الدين قصرا للهو أحلامهم ، ولكنه أستدرج إلى المكان الذين رسمت فيه لوحة ذبحه مع كل آل بيته ، وكان سقراط الحكيم يقول :استدراج المؤمن بقضيته أسهل مسألة حسابية ،لن المؤمن يمشي ومعه تمشي حسن النية ،ووقت شعوره بأنه استدرج وخدع لم يفكر بلحظة تراجع أو خلاص فلقد أدرك في الثبات قيمة خلود ثورته ،لهذا تحولت القضية من دفاع عن مظلومية مذهب إلى دفاع عن مظلومية الإنسان أين ما كان ،فلقد كان معه من الأنصار الرومي والفارسي والعربي ثم جرت الواقعة الشهيرة في كربلاء.
بهذا المعنى حمل المرحوم حميد بكه إحساسه الفطري والبسيط واخبر أبناء محلته في بيته الواقع قريبا من الصفاة والواقع أمام عمارة باقي حسون انه سيجعل حائط بيته مكانا لسجادة الحسين التي رسمت عليها واقعة الطف بكل تفاصيلها ثم بدا بتأسيس اول موكب في منطقتنا فصار هو وموكب المرحوم كازم مخيفي والمرحوم ناصر تخت يمثلان صوت شارعنا في أيام محرم حيث يتنافس المرحوم حميد بكه والمرحوم ناصر تخت على تزين هودج الموكب الذي يحمله واحد من أبناء الشارع من ضخام الجسد .عاش المرحوم حميد بكه حياته مكافحا وابتدأ عمله بمحل لتأجير وتصليح الدرجات الهوائية وبهذا المحل عاش والذي نقله في أواخر عمره أمام بناية المرحوم الحميضي.
أحب عالم الطيور ،وعاش مرحا محبا لجيرانه وأصدقائه واغلبهم من الفقراء البسطاء ليصنع المزحة في تلك المساءات التي يقف بها امام بيته او قرب بسطية المرحوم ارضوي امام مكتبة الملا عباس في باب الصفاة من جهة محلات أصحاب الطيور حين يكبر مزاحه ومقلبه مع اغلب أصدقائهم الجمبازين مثل هاشم أبو الجبة وكاظم أبو زواغي وعدنان البراج وغيرهم ،وأيضا كان يشرف على مسابقات صراع الديكة الهندية حين يترك ولده الكبير في محلات الدرجات.
عاش المرحوم حميد بكه حياته كادحا وفقيرا ومحبا لمدينته وقد اودع فيها ذكريات موكبه الكبير حيث كان ينتظر أيام عاشوراء وبلهفة وقبل اكثر من أسبوع تراه يتهيآ للموسم القادم من خلال الأعلام وبناء الهودج وتضير سجادة الحسين التي سيتبرك بها أبناء المدينة من الذين يحيون ليلة العاشر في موكبه الذي تبدا مراسمي العزاء فيه من المساء وحتى فجر اليوم العاشر......!