صحيفة اوان

مجلة مبرات التضامن التي اصدرت عام 2016

جمعية التضامن على الفيس بوك

شعيرة الاعتكاف في جامع الشيخ عباس الكبير

#

 

شخصية اجتماعية متواضعة من أبناء مدينة الناصرية

Mon , 2017/10/02 | 03:12

مركز التضامن للإعلام

 

كتب الاستاذ نعيم عبد مهلهل عن الحاج غانم بشير (أبو سعد وعطور الشاي السيلاني )،قائلا :

 

تجمع المدن ملامح الوجوه في دفار الصور او عطر الشاي في مقاهي أماسيها، أنها من بعض صورة استعادة حلم الخرائط ، ومدينة مثل الناصرية اذا أرادت ان ترسم خرائط الشوق فيها فالمقاهي هي الحدود.

 تلك الأمكنة الساحرة والتي شهدت نكهة الشاي السيلاني ونفحت السيجارة قبل ان تهجم على رئات صدور شبابانا لعنة الأراجيل ،أمكنة النقاش والقراءة في أيامنا التي نعجز عن تعداد مسميات مقاهيها ( التجار ، العمال ،الحاج جمعة ،حبيب الله ،ورور ، جخم ، العروبة ، أبو احمد ، حجي ذياب ) وأسماء كثيرة يمر فيها خاطر الذكرى ، لكنها الآن تستقر عبر أجفان رجل طيب ، حرص ان تكون مقهاه صغيرة لكن قلبه كان اكبر وطعم الشاي الذي يقدمه كان يعبر عن تلك الروح الناعمة والمنفتحة والتي ترغمنا لنطلب من يد أبو سعد استكانا اخر.

المرحوم الحاج غانم بشير ، اشتهر في طعم الشاي بلذته الخاصة ،واغلب زبائنه من أبناء المدينة ومن محلات الخياطة المجاورة له ،لكن ذكرياتي مع هذا الرجل الطيب تكمن في انا جعلناه طقسا لراحة الأحلام في رؤوسنا يوم ينتهي عرض الفيلم الرومانسي في سينما الأندلس الشتوي القريبة من مقهى أبي سعد لنستريح ( ونفوخ رؤوسنا بأستكان شاي )لنستريح من عبء أحلامنا في الرغبة الى السفر والعيش في باريس قريبا من كاترين دينوف او في روما قريبا من صوفيا لورين.

وهو لا يصغي الى نقاشنا سوى بالابتسامة فالذي يهم المرحوم الحاج أبي سعد سوى ان ينتبه الى أبريق الشاي ليضبط معه موعد تخديره ليكون جاهزا بتلك النكهة الغريبة التي تجعل احتساءه كمن ينتعش بثمالة شيء من الراحة وهي تسري في عروقنا ومعها تسري الأحلام التي لاتهم الرجل سوى انه في حالة عدم الدفع يضع خطا آخرا في قائمة الدين المؤجل.

اخر مرة جلست في تلك المقهى الأليفة لأشرب الشاي وقد دعانا لاستعادة بعض نكهة الذكريات الصديق أبو نبا ( علي خلف علاوي ) وبصحبة صديق العمر حسين شرهان .

كان ذلك قبل سنوات حيث استعدنا تلك الأيام وكان جواد أبو العود قريبا منا يصحح مع صوت أسطوانات أغانيه تواريخ الأجيال التي جلست على أرائك المقهى وشربت الشاي ثم غادرت ،قسما بنعوش الحرب والقسم الآخر بقطارات الهجرة والمنفى والأخرون استلموا هويات التقاعد وجلسوا في بيوتهم.

وقتها رأيت مسافات التعب مرسومة تحت أجفان أبي سعد الطيب ،وصار يحدثنا عن أزمنة المقاهي الأولى يوم كان صاعنا بأربع عانات ،ثم دارت الدنيا بأهلها كما يقول .

الان دورة الذكريات تبقي من وجه هذا الرجل الذي يؤسطر شايه بنكهة سيلان الهند وسيلان..

 

 

شخصية اجتماعية متواضعة من أبناء مدينة الناصرية