مركز التضامن للإعلام
كتب نعيم عبد مهلهل عن شخصية طيبة القلب بفطرتها تسجدت في شخص علي حسن فليح اللامي ، وبعنوان ذاكرة الجمعية والحصار وبطاقة التموين
هذه المدينة ، مدينة الوجوه والقلوب ، وعندما تجمع الوجه والقلب بمرايا ذكرياتها ستظهر لك محاسن أنوثة لملامح مدينة اسمها الناصرية ، أهلها يمزجون الطيبة بالحنين ،والعشق بدمعة خبايا السنين.
الناصرية مدينة صنع أساطيرها البسطاء والشهداء والفقراء والعلماء ، وكلهم في حصلة الذكرى يرسمون خارطتها ونحن نستعيد فيها الأزمنة ونرتب سحر ما كان هنا وصار ماضيا ، الحروب التي سرقت أبنائنا والحصارات التي جوعت بطوننا ورسائل الغرام التي صنعت شهواتنا وعشق أفلام السينما ،لكن سنوات الحصار بالنسبة للناصرية مثل سنوات الحرب ،انها لحظة التحدي لنبقي كبريائنا حتى مع الجوع ، وربما بطاقة التموين كانت نوعا من الحل والأمل والقوت ،.
علي حسن فليح ، أبن الناصرية هو واحدا من شواهد تلك البطاقة وارتبط اسمه بتفاصيل مودة الشوق الى مفرداتها وخصوصا الأرز والسكر والزيت والطحين حتى بسبب هذه العلاقة الوجدانية والمعيشية بين بطاقة التموين وعلي تم تسميته محبة وتندرا بريئاً من أبناء مدينته ب ( علي جمعية )
علي صديق قديم وهو ينتمي الى عائلة عريقة من عوائل الناصرية ، عشق مهمته ، وكنا نمازحه الى الحد الذي نثير فيه غضبه وربما كان جاره الصديق صاجي الغزي الذي يملك محل حلاقة الى جانب محل علي هو من يمتلك مفاتيح إضحاك علي الذي يكون منزعجا ومخبوصا لحظة البدء بتوزيع مفردات بطاقة التموين ،وكنا نختار اللحظة التي تزدحم فيه العوائل عليه أثناء التوزيع فنمازحه فيشتاط غضبا وهو يقول :هذا مو وكت شقه اكو نقص كيس عندي وعلي ان أتحمل ثمنه.
علي طيب بالفطرة، وقد التصق بالمكان في محلة بالجمعية واحبه وعاش معه سنوات مودة حتى صارت بطاقة التموين عالمه وبسببها عرفته المدينة وخصوصا عوائل محلة السراي.
هو من بعض ذاكرة الزمن في محنة المدينة مع لقمة العيش ، وكان يتعامل مع مختلف الشرائح بفطرته وغضبه وطبيعته النظيفة والبسيطة ، وكان حين يلاقيني يهمس لي بأسئلة لا تنتهي عن الوضع والحصار وما تؤول اليه الأمور ،وكنت احترم ثقته بي ، وربما كان الثمن الذي اقبضه منه انه لا يأخذ مني ثمن قنينة السفن أب . ومرات وبسبب المزاح وإغاضة جاره المرحوم غني سعيد يبيع اللبن ويصنعه بذات المواصفات التي يصنعها المرحوم أبي حنان .
لا ادري أين ذهب علي الآن ،هل مازال في محله وأظن ان جميع المحلات المتلاصقة مع معرض الجمعية قد تم تحويلها الى عيادات للأطباء وربما محل علي جمعية ذهب الى أدراج الذكريات التي كانت في يوم ما ترسم مع أجفان علي وطيبة قلبه تفاصيل توزيع تلك المفردات التي ربما ساهمت كثيرا في إنقاذ محنة الكثير من فقراء الناصرية.