مركز التضامن للإعلام
''بكْ بنْ سوق سيد سعد''
المدينة التي يجلس على أجفانها الوقت لقادرة على صنع خواطرها بصورة جيدة ، انها جدلية الوجود الذي يجعل المدن تشعر بوجودها من خلال انتظام دقات قلب الكلمة وهي تسجل اللحظة الحياتية منذ إغفاءة الليل وحتى فجر اليوم الجديد ، ومدينة مثل الناصرية سجلت مع الوقت تواريخها كلها وصارت تكتكة الساعات ترن في ذكرياتها منذ الساعة الجدارية القديمة والتي كان المثقفين من الإباء الأفندية يضعونها في الجيوب الأمامية لمعاطفهم وحتى ارتدائنا لساعات الستزن والرولكس والرادو وغيرها . ومن أولئك الذين ضبطوا نبض قلبهم مع نبض الساعة وفي جسد المدينة ويومها المتواجد في صباحات سوق المرحوم سيد سعد بنيان هو المرحوم السيد كاظم الغالبي .
طيب واجتماعي وأنيس ويحب المثقفون ، وله معهم مودة القراءة وذلك الجلوس اليومي معنا وهو يمازح محسن الخفاجي عندما يخبره انه لديه ساعة قديمة تستطيع كتابة الرواية افضل منه ، فيحتج محسن ويغضب ويهاجم السيد كاظم الذي يواصل الضحك وهو يسحب خطوات طوله الفارع بمودة ليؤشر لنا قائلا :ان عطلت ساعات أيديكم تعالوا عندي واذا عطلت ساعات قلوبكم اذهبوا الى دكتور عقيل اليعقوبي .
ثنائية ومقاربة ومقارنه جميلة يضعها المرحوم سيد كاظم الغالبي وهو يلوح عائدا الى مملكته التي ترن فيها ساعات وصخب مكان رزقه حيث محله في بداية الزقاق الضيق في سوق سيد سعد .
كاظم الغالبي الذي فقدناه مبكرا هو من بعض الفة الأيام وذكرياتها وهو نقطة الوسط التي استريح عندها دوما بين بيتي وقسم النشاط المدرسي ، اجلس عنده ،اشرب الشاي وأتعلم منه حكايات عجيبة عن عالم الساعات وسحرها ، عندما يأتي احدهم ليقيم له ساعة قديمة وطالما وقعت في يده ساعات ترجع تواريخها الى بدايات القرن الماضي فيشتريها ويحتفظ بها في بيته لحين الزيارة السنوية لاحد تجار الأنتيكات والقادم من بغداد ليشتري من السيد الساعات الثمينة وبسعر جيد.
كنت احب الجلوس مع سيد كاظم ، ففي راسه الكثير من ذاكرة المكان وربما يعرف الكثير من هواجس زبائنه الذين كانوا اغلبهم من الموظفين والمعلمين وهم يحملون اليه ساعاتهم ومعها يحملون خواطرهم وهمومهم وهم في انتظار تصليح الساعة.
انه من بعض عطر دقات بك بن في حياتنا ،عاش مع دورة عقارب الساعة في مكان لا يمت للساعات ودقتها وجمالية صنعها بشيء فاغلب المحلات التي كانت تجاور محله هي لبيع الخضرة والدجاج وبهارات العطارين ومطاعم الكباب ،وقليل منهم امتهن قريبا منه تصليح أجهزة الراديو ومسجلات الكاسيت.
الساعاتي السيد كاظم الغالبي ذكرى لها طعم وجهه المحمر بخجل ضحكته وحضوره في أزمنة المدينة كواحد من مصلحي لحظة الزمن في حياتنا . وعندما توفى .دمعة سقطة من ساعة بك بن
نعيم عبد مهلهل