صحيفة اوان

مجلة مبرات التضامن التي اصدرت عام 2016

جمعية التضامن على الفيس بوك

شعيرة الاعتكاف في جامع الشيخ عباس الكبير

#

 

الحاجان عودة وجواد (أساطير العطارون في الناصرية)

Sun , 2017/10/22 | 08:21

مركز التضامن للإعلام

يتذكر أهل الناصرية أن المركز التجاري للمدينة كان ينحصر في المسافة والشارع الممتدد من باب الشطرة الى نهاية قيصرية البزازين وحول الشارع يمتد من جهتين منطقة الصفاة والسوق العصري وسوق المرحوم سيد سعد بنيان ، فيما تمتد الرقعة التجارية من جهة القيصرية المحلات الموجودة في شارع الجمهورية واشهرها محلات باتا ومغازة السيد علي ومكتبتي المرحومين طاهر وجبر غفوري ومحلات الملابس للمرحوم غضبان العلي والحاج خضير علاوي والمرحوم شاكر اسود ومحلات احذية دجلة ومعرض ساعات الموصلي وحلويات المرحوم الشكرجي ومطعم شناوة صحين والعديد من الفنادق.


لكن الازدحام والتبضع يكون على اشده في المنطقة القريبة من الصفاة حيث محلات ثلاثةٍ من اشهر التجار ولايبتعد الواحد عن الاخر سوى بخمسين مترا ، والغريب ان تلك المحلات التجارية الكبيرة كلها تكون بين شراكة بين اثنين الأول هو محل الحاجين اطال الله في عمرهما ( عودة وجواد جاسم العطار ) والمحل الثاني للحاج خليل وشريكه الحاج مشيهد والثالث للمرحوم الحاج عوض وأخيه الحاج حسين .


محل الاخوين عودة وجواد يقع تماما امام سوق سيد سعد ، ويبدأ بممر طويل وينتهي بفسحة كبيرة تشبه الخان ويحتوي على الكثير من المواد الغذائية والعطارية المستوردة من شتى مدن العالم ، وكانا يبيعان بالمجلة اسوة بالمحليين التجاريين الاخرين اذ يمولان تقريبا جميع حاجات الحوانيت العطارية والغذائية في الناصرية ونواحيها واقضيتها ، وما ان تدخل مقدمة محل الاخوين جواد وعودة حتى يمتلئ فمكَ بأنواع الروائح لبهارات الهند والشاي السلاني والحلويات والحبوب القادمة من الشمال والجنوب ، وهناك مصطبة صغيرة يجلس عليها الحاج جواد من اجل الحساب مع الزيون فيما الحاج عودة يوجه العمال والحمالين في تجهيز الزبائن ثم يتناوبان في جلسة على هذه المصبة الكتابية الواحدة.


ربما عليها حررا عشرات الاف من قوائم البيع لاجيال تعاقبت تباعا ، وفي هذه الايصالات تعيش تواريخنا وشهيتنا لنستلة الطالب والآلوجة وكمون طبخ امهاتنا والرز البسمتي وحلويات التوفي الاصلية وعصير الفيمتو والسكر القند ومئات الحاجات .


أنه المكان الذين سجل اسطورة زمن العطارين ولم يزل الحاجين عودة وجواد بالرغم من تقدم اعمارهما اطالها الله يمسكان بروح المكان وتواريخه فيما أغلق المكانين الآخرين وتحولا الى مكاتب للصيرفة.


صورة الجهاد التجاري للحاجين عودة وجواد هو صور من صور النقاء الروحي في التواصل القائم بين ثقافة الرجلين وخصوصية المدينة في الإبقاء على ما كانت تفتخر فيه وتنشط ويتم من خلاله التواصل بين حاجات الناس وتلك الإيصالات الصغيرة التي يدونها ابو شاكر الحاج جواد بخطه الأنيق لاف الكيلوات من البقوليات وكارتين الحلويات ومواد كثيرة.


الرجلان لم يحصرا عملهما في مهنة التجارة فقط ، بل كان لهما دورا اجتماعيا كبيرا في حياة المدينة واتذكر ان الحاج جواد العطار كان من الحلقة القريبة جدا من الشيخ محمد باقر الناصري وكان له دورا في الدعم المادي والثقافي في انشاء مدرسة التضامن الثقافي.


تواصلت مع ابناء هذه العائلة لكونهم كانوا جيرانٌ لنا وأبنائهما أصدقائي جدا وخصوصا كريم الحاج جواد ومحمود الحاج عودة وشاكر الحاج جواد الذي لم يتواجد كثيرا في حاضنة هذا البيت الذي شهد منازلات للمجالس الحسينية في كل عاشواراء ، لأن شاكر الولد الأكبر للحاج جواد بعد تخرجه من الجامعة المستنصرية في بغداد واثنائها كان له نشاطا سياسيا كاد يقوده الى حبل المشنقة فغادر الى الكويت لسنوات عن طريق صحراء الزبير كما اظن ومن ثم الى منفاه الطويل في العاصمة الدنماركية كوبنهاكن ولحقه بعد ذلك اخيه الاصغر كريم.
الحاجان عودة وجواد بصورتهما التي تحمل براءة ذلك النقاء والمسيرة الحياتية التي تضاء يآلاف من اقمار الحنان والصبر والتحمل تمثل الوجه الجميل لمن علينا ان نضعهم قناديلا امام دروبنا المظلمة ونحن نمشي من اجل الوصول الى المبتغى.


هؤلاء الرجلان الفاضلان والمؤمنان شكلا معا واحد من اجمل الوجوه الأسطورية لعالم العطارين في مدينتنا الناصرية.

نعيم عبد مهلهل

الحاجان عودة وجواد (أساطير العطارون في الناصرية)

الحاجان عودة وجواد (أساطير العطارون في الناصرية)