صحيفة اوان

مجلة مبرات التضامن التي اصدرت عام 2016

جمعية التضامن على الفيس بوك

شعيرة الاعتكاف في جامع الشيخ عباس الكبير

#

 

اطلع على. ... زيارة الملك فيصل الثاني والوصي الى الناصرية قديما‎

Wed , 2018/04/25 | 07:28

مركز التضامن للإعلام

زيارة الملك فيصل الثاني والوصي الى الناصرية 1937م

 

تردد في الناصرية خبر الزيارة القريبة التي سيقوم بها الملك الشاب والوصي عبد الاله الى مدينة الناصرية. عرف الناس ذلك من خلال الأطواق العديدة التي بدأ النجارون وعمال البلدية بنصبها في مدخل كل الشوارع الرئيسية والساحات المهمة، ووزعت الأعلام العراقية وصور الملك فيصل والوصي بكميات كبيرة في الشوارع وواجهات الدوائر الرسمية والأسواق، أما المدارس فقد بدأت بأعداد الكشافة والطلبة الآخرين ليكونوا ضمن المسيرة المرحبة بدءا من محطة القطار وانتهاء بمبنى المتصرفية، كما بدأ الخطاطون بكتابة اليافطات الكبيرة من القماش الملون وكلها تحمل عبارات ترحيب بالملك والوصي .

أما في الخفاء فقد تم نشر المخبرين السريين على المناطق المهمة وكذلك قامت الشرطة وبأوامر خاصة باعتقال كل الذين لهم نشاطات سياسية او من الذين سبق ان أوقفوا من قبل لأسباب سياسية او غيرها .

وكذلك وجه المتصرف الى كل رؤساء العشائر في المناطق المحيطة بالناصرية لأن يجمعوا أتباعهم وأفراد عشيرتهم ويحملونهم الى المدينة بسيارات البلدية قبل يوم من وصول الملك والوصي الى الناصرية ليكونوا من ضمن المرحبين به .

وقد تهيأ شيوخ العشائر لهذه الفرصة السانحة لهم لارضاء المسؤولين ، فأغلبهم نواب واعيان في ذلك الوقت او قسم منهم طامع في ذلك المنصب المرتقب لهم وانتظار دورهم على الرغم من ان قسم كبير منهم لا يعرفون حتى كتابة أسمائهم .

وفي اليوم المحدد والمقرر يجلب أفراد العشائر بدأ زحف العشائر على المدينة وامتلأت بهم الخانات والفنادق الرخيصة، حيث قام قسم من أفراد هذه العشائر عند أقاربهم في المدينة او في الحدائق والساحات (متدثرين) ملتفين بعباءاتهم الصوفية المقاومة برودة الليل .

وفي هذا الوقت بالذات تنشط رجال الأمن ، واعدوا قوائم بأسماء أطلق عليهم (المشاغبين) وبدأوا يطرقون أبواب البيوت المداهمة بعد منتصف الليل ليأخذوا كل من ورد اسمه في هذه القوائم المعدة، وهم (أي الشرطة السرية) ينتقلون من محلة الى أخرى بواسطة سيارة جيب عسكرية.

وقد تجمع الناس على أرصفة الشوارع الذي سيمر فيها الموكب ، وقد تعطلت الحياة في المدينة والأسواق والمدارس والدوائر الرسمية ، لقد كان حضور البعض من السكان مرغما بينما جاء البعض الآخر بدافع الفضول ، حتى ان بعض العوائل الذين اعتقل أبنائهم في هذه المناسبة تواجدوا والبعض الآخر منهم لم يحظروا بعدما أقسموا أنهم لن يصفقوا للملك مادام أبنائهم في داخل السجن ، مر الموكب والملك جالس في المقعد الخلفي في سيارة سوداء فخمة لم يعرف احد ماركتها او رأى مثلها من قبل ، وهم يرفع يده ملوحا لتحية مواطنيه ويلتفت يمين ويسار وبقربه جالس الوصي يرد التحية هو الآخر بنفس الطريقة ، وأخذت الزغاريد تنطلق من أفواه النساء ورميت الحلوى (جكليت وحامض حلو ملون) وزهور بكمية كبيرة على موكب الملك.

وقد نحرت الذبائح بلا عدد وبلا حساب والتي جيء بها من تبرعات الشيوخ العشائر، وقد استحوذ الفقراء على قسم من لحومها حتى ـنهم تمنوا ان يزورهم الملك يوميا ، وبعد ان تفقد الملك والوصي بعض الأمكنة في مدينة الناصرية توجه بعدها مواصلة رحلته على امتداد الطريق المؤدي الى قضاء الشطرة ، وكانت كلها موجهة الى (شخص الوصي) بصورة خاصة مثل: (أيها الوصي...ياغراب..الشجرة أنشالت عنك) وقد كانت تعني هذه الاهزوجة : (ايها الوصي ياغراب اين تلتجأ بعد؟ فسجرة الوصايا التي كانت تحتمي تحت ظلها قد راحت عنك وجاء الملك الذي كنت تحكم باسمه لأنه كان صغير وقاصر ، أما اليوم فقد كبر الملك ليتولى الحكم بنفسه ).

وقد ابتلع رجال السلطة عبد الآله الوصي حرارة الهوسات هذه ، وعند زيارة موكب الملك الى (قضاء سوق الشيوخ)  خاف المسؤولين ان يتكرر ما حدث في الناصرية وطرق الشطرة فجاؤوا بسفن بخارية صغيرة لنقه الى هناك لكن ابناء العشائر زحفوا الى الشاطئ وعلا صوت الاحتجاج الذي اطلقته الافواه الجائعة بتحد .

 

من كتاب الوقائع المنسية لمدينة الناصرية 

للمؤلف محمد رحيم حسين الجوراني 

ص 290 ص291 

اطلع على. ... زيارة الملك فيصل الثاني والوصي الى الناصرية قديما‎