إعداد :
الشيخ محمد الشيخ
محمــد النـاصـري

مجاهدي المـدن والأهوار :

وفي عام 1987 – 1988 برّزت القيادات الجهادية والميدانية ،ذات الحنّكـة وقوة العقيــدة وصلابة الموقف ،التي كان لها الـدور الأكبر بالتواصل مع الأخوة في المــدن او كما أطلق عليه في حينها ب(الداخل ) ،أي داخل المدن وكذلك المناطق المحاذية للأهــوار ،من قرى وأقضية وقصبات ونواحي ، و تلك المناطق لها الدور الريادي في استمرار العمل الجهادي .

فبـرز من هذه القيادات في حينها، الشهيد (ابو سحر العبادي صادق ياسين ) والشهيد (جبار جعيول ابو جاسم) وهمّ من عشيرة (عبادة ) ،كانوا يتحركون على أبناء قبيلتهم الطيبة ، ولهم علاقات واسعة ومتشعبه ويمتازون بمعرفة مداخل تلك المدن وطرقها الأمنــة .

ممّــرات أمنــة :

وأسسوا لعمّــل متمّيز، حيث فتحـوا ممرات آمنــة أخرى للمجاهدين ، وهم يعرفون جميع مداخل تلك المناطق أكثـر من غيـرهم ،بل حتى اكثر من اهل تلك المناطق ،وبدأوا بتعريف ومسح الأهــوار للمجاهدين ،واكتشف المجاهدين مناطق وأهوار جديدة ،أكثر أمنا ،حيث لم يدّخــروا جهدا حتى في بناء بيوت القصب للمجاهدين ،وجلب المساعدات العينية وإيصال المجاهدين القادمين من المدن الى الاهوار وتوزيعهم عل المقرات .

أنتشــار المقرات والمجاميع في الأهـوار :

وأنتشرت في أغلب الأهوار ،المقرات مجاميع المجاهدين ،وبهذه الفترة كثـرة المدّاهمات على المجاهدين من قبل النظام العفلقي ،حيث أستعان بالمخبّرين والمنّدسين ،لمعرفة أماكن المجاهدين وكيفية العمل التنظيمي و الجهادي ،ولكن دون جــدوى ،لكون أغلب سكان الأهوار متعاطفين ومتعاونين مع المجاهدين ويحبونهم ،بل البعض أصبح له روابط اجتماعية وأسرية ،وهذا ممّا ساعد المجاهدين على الاختفــاء مــدة أطــول .

مّداهمّات وإستشهاد :

وخلال تلك المدّاهمات أًكتشفت أحدى المقرات واستشهد القائد( السيد أبو خالد ) كما أستشهد السيد محمد بالقصف المدفعي من قبل قوات الجيش والامن التابعة للنظام في ذالك الوقت ، وكان أخيـه السيد نــور بجانبه وهـو يبكي ، فسأله أحد المجاهدين .. لماذا تبكــي فتلك هي الشهادة ؟ ...فأجابه بعبارة لاتزال في ذاكرت من كان معهم ، وهي، مابكيـت على الشهادة ..وإنما بكيت لأمرين .. الاول ، لماذا لم أكن معـه فيها يقصد (الشهادة)، وقد سبقني هو لها ... والأمـر الثاني ... ماذا اقـول لأهلي لو رجعت لهم.. وهو بهذا الحـال .. يتالم لحرمانه من الشهادة ... والقصف متواصل على المقرات والمجاميع الجهادية ، فنفجرت قنبرة هـاون 82 بالقرب من السيد وأستشهد في حينها والتحق مع أخيــه..

وفجع المجاهدون، بهذه الحادثــة الحزينة والمؤلمـة ، واستجاب الله سبحانه وتعالى لدعائه بفترة زمنية قصيرة جدا ، لاتتجاوز الدقائق،فهنيئا لهما الشهادة .

قيادة وقررات جديدة:

ومن هنأ نشأت قيادة جديدة لتقــود العمل الجهادي في الاهـوار، ومن رحمّ مجموعة القيادة المركزية ، بقيادة المجاهد الكبيـر (أبو حسين الرميثي ) ومساعده أبو ايمــان ،و بدأت المجاميع تنتشر كالنار في الهشيم وأرتفعت درجات العمل الجهادي والتصدي لازلام للنظام البائد وقوات الأمــن .

وأتُخـذ قرارا، بتصغير المجاميع وكثـرت المقرات ،حتى لايؤثر عليهم قصف أزلام النظام ،وتتأثر تكون المجاميع الصغيرة ، اكثر أمنا للمجاهدين، وحفاظا على أرواحهم ، اذا طـالهم القصف ، واقل عدد في حالة الاستشهاد ، ويستطيعون تغيير اماكنهم بسرعة ، وبدون ان يكون لهم بيتا ثابتا .

وعندما يرغب أحد المجاهدين بالتواصل مع القيادات ، يجدهم باماكن مختلفة وقريبة ،والسكن في اغلب الأحيان هو الزورق ( العشاري) ،وفي بعض الاحيان يتظاهرون بأنهم صيادون للسمّك ، لكي يخفوا شخصياتهم ويرتدون ملابس اهل المناطق ، ولكـن هنـالك ميزة يمتاز بها اهل الاهوار ، هي انهم يعرفون الغريب مهما اخفى هويته ويميزونه عن اهل الاهوار.

ولهذا كانت القيادة دائما بحاجة الى أشخاص من أهل تلك المناطق ، يعملون معهم ، ويعرفون كيف يتعاملون مع الاهالي ودائما يطلب من اهل المـدن عدم التحدث حتى لاينكشف امرهم ، وفي بعض الاحيان ينام المجاهدين في الزوارق اثناء التنقل بالاهوار حتى لايـرهم أحـد .

وفي اغلب الاحيان كان التنقل في الليل ، للمجاهدين ،وفي بعض الحالات الطارئ يخرجون بالنهار ، ويحسن اهل الاهوار التعامل مع المجاهدين ، وان كانوا البعثيين ووكلائهم يتحركون لمحاولة معرفة حركة المجاهدين لكن القيادة الجديدة اصبحت اكثر سرية .

حتى لايخسروا اعداد اكثر من المجاهدين خلال المدّاهمات وحفاظا على ارواح المؤمنين والمناطق التي تؤوي المجاهدين والممرات الأمنــة التي يتحـرك بها الوافدين من المدن الى الاهوار .
يتبـــع ...