رحل يوم الثلاثاء الفائت ، في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ، ٥/٢٨ الشيخ الهلالي عن هذه الدنيا ، ولبّى نداء ربه ، صابراً محتسباً ، بعد معاناة مع مرضٍ عضال ..
ينتمي الخطيب الهلالي الى مشروع منتدى النشر ، الذي أسسه الفقيه الشيخ محمد رضا المظفر ، وكان الشيخ الهلالي أحد خريجي ( كلية الفقه)..
الشيخ الهلالي خطيب بارع ، وباحث محقّق ، وشاعر وأديب ..وكان شكّل رفقة حياته ثلاثياً ، على هديّ ومنهج واحد ، ضمّ : السيد طاهر الملحم (والدي)، والشيخ مجيد الصيمري ، والشيخ الهلالي ، وكان بينهم تنسيقاً عالياً في تناول الموضوعات ومعالجة الظواهر والتحديات ، في مجالسهم العامرة يومذاك في العراق ..
دخل الشيخ الصيمري السجن في منتصف السبعينات ، بحكم بعثي جائر من ( محكمة الثورة) سيئة الصيت ، كان نصيبه السجن المؤبد ، ولم يُسلم صاحبيه باعتراف ..ثم انتهت بهم الحال الى المنافي ، ليعودوا الى أرض الوطن ، مثقلين بالمرض والوهن في البدن ..
كنت ابن عشر سنين ، وربما أزيد ، وأنا أسمع أن الشيخ الهلالي يعكف على تأليف ( معجم شعراء الحسين) ، وكنت رسولاً بينه وبين والدي لنقل (ملازم) تخص المشروع ، فضاع المشروع بين ، صبر الشيخ وجلده ليخرج في صيغته العلمية المثالية ، وبين حال الشيخ مهاجراً متنقلاً في البلدان ، فلم ينشر منه الأ ستة أجزاء ، بانتظار يد بارّة تسهم في انقاذ مشروع تحقيقي مهم ..
الشيخ الهلالي ، العالم ؛ المحقق؛ والأديب ، شخصية ليست مركبة ، تكتشف عمقها وأغوارها بيسر ، لينٌ هادئ ، سيان إن اتفقت معه أم لم تتفق .. وهو فوق ذلك ؛ شخصية ظريفة تمطر مستمعيه بالطرافة وتسكرهم ، دون أن يفقد هيبته ووقاره ..
لايعرف الشيخ الهلالي التصنّع ، ولايجيد التمثيل ، وهو على منبره لايغري بالجهل ، ولايمرّر الخرافة ، ولايتحذلق على جمهوره ، وهو العالم المحقق .
حسيني الهوى ، وحسيني السلوك والمنهج ، فتأدب بأدب الاسلام وأدب رموز الاسلام ، فلم يستغلً منبر سيد الشهداء للخصومة والاحتراب ، ولا للاساءة للغير ، كما تورط في ذلك كثر .
برحيل الشيخ الهلالي ، نفتقد المنبر الواعي ، والجاد والمخلص، على أمل أن يجود علينا الزمن بأمثاله ..
رحمه الله تعالى بواسع رحمته ، وشفّع فيه المصطفى وآله ، وأسكنه الى جوار حبيبه سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين ..
(في الصورة من اليمين: المرحوم السيد طاهر الملحم، والمرحوم الشيخ مجيد الصيمري، والمرحوم الشيخ الهلالي ، وسماحة الشيخ محمد باقر الناصري ؛ حفظه الله)
محمد الحسيني