((مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا))
بألمٍ وحزنٍ عظيمين تلقينا نبأ وفاة العالم الخطيب والمجاهد الكبير آية الله الشيخ محمد باقر الناصري الذي افنى عمره وحياته مجاهدا في سبيل احقاق الحق واعلاء كلمته، منتصرا للمظلومين ومدافعا عن حرياتهم وحقوقهم ، ذاباً عن المحرومين بما أوتي من عزيمة واقتدار وتمكن ، فقد شهدت له ساحات الدفاع والاستبسال حينما بقي طوال عمره الشريف جبلا أشماً يقف بشموخ في ميادين الاباء والحرية، ينحدر عنه السيل ولا يرقى اليه الطير ، فقد جنّد روحه وعمره الشريف مقاتلا بكل شجاعة وصدق وايمان بالقيم والمبادئ الحقة ومدافعا بكل بسالة عن الوطن والكرامة وحافظا للارض وشموخها فروسية الابطال الذين بذلوا عمرهم وهم ينافحون ويقاتلون صونا للشرف والكبرياء والاباء، وقد تأثر به وبمسيرة جهاده جيلٌ من المتحررين وتحلقوا حوله ليكون معهم سدا منيعا امام كل الهجمات العنيفة التي ضربت البلاد منذ عقد الخمسينات والستينات والسبعينات ، حتى اذا وصلنا الى زمن الطاغية المتجبر ، الذي لم يبقِ رذيلةً الا وقد ارتكبها ، رأينا الناصري الكبير يقف بوجهه بطلا باسلا ، يصد بنبض قلبه ما زرعه الظلم والطغيان وعمّمه الطاغيةُ وحزبهُ الجائر ، وما انفك ينافح ويجاهد في طريقه بما وهبه الله من قدرة وتمكن وتأثير بكل من يتحدث اليه ، وقد شاء الله تعالى ان يسلم بمهجته من بطش الظالمين القاتلين، الذين نالوا من كبرياء وشموخ الاف المجاهدين الصابرين، فانتقل الى الافاق مطاردا مشردا عن وطنه ومدينته التي احبها وانتسب اليها فكرا ومبادئا وقيما واخلاقا واسما وعنوانا، حاملًا خشبته على كتفه، يجول في البلدان القريبة والبعيدة عن العراق والناصرية، وكان وما يزال صوتهُ فيها مدويا كرهافة حسه ورقة كلماته ونقاء سريرته ، وبعد انقشاع الغمة وزوال الطاغية وحزبه عاد الى العراق والى الناصرية التي اسس فيها معاني الحب والاخلاص والحرية والشموخ والبطولة والفروسية، رافضاً ارادةَ المحتل وغطرسته، ومرحبا بمن يريد خيرَ الوطن وسلامته، ووقف معتدلا بخطابه وخطواته دون ان تهزه محاولاتُ المارقين والمصوبين سهامَ الغدر لمسيرته وجهاده، حتى انه قد صفح عن كل اساءة له مقصودة او غير مقصودة ...
اليوم يوم حزن الناصرية واهلها الخيرين ، اذ ترجل عن ظهر جواده فارسُها الموهوب، مخلفا ذكريات الشموخ والانتصار للكرامة والحرية ..
رحم الله الشيخ الناصري الفارس الغيور برحمته الواسعة ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه واولاده وجيلٍ كبيرٍ من المحبين والمتأثرين بمنهجه في الغابرين...اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها ، وانا لله وانا اليه راجعون...
مهند جمال الدين
٢٩/ تموز/ ٢٠٢٠م