حسن السهلاني /مركز التضامن للإعلام :
من ضمن ما أشار اليه آية الله الشيخ محمد باقرالناصري في كتابه (دراسات في التاريخ الاسلامي) هي مرحلة نزول الوحي بعنوان (محمد رسول الله (ص)) فذكر :
كان كل شيء في المجتمع الإنساني يؤكد ضرورة مجيء مصلح للبشرية ينقذها من الشقاء والبلاء ، ويريح الفكر الإنساني من متاهات العقائد وصنوف العبادات التي باتت عاجزة عن حسم مشاكل الحياة واسعاد الانسان،لابد للناس من تشريع سماوي يفوق مايضعه الناس من النظم ويحيط بكل مايمسهم من الحاجة في حاضرهم ومستقبلهم ويحدد لهم على اتم الوجوه علاقاتهم فيما بين بعضهم البعض ، وفيما بينهم وبين خالقهم ،ويربي فيهم تلك القوة القاهرة المنشودة، قوة العقيدة التي تهيمن على المرء في سره وجهره، وتقيم لنفسه وازعا من نفسه لذلك جرت سنته تعالى في خلقه منذ عمرت بهم الارض ان يشرع لهم الشرائع ويبعث فيهم رسلا من انفسهم يبشرون بالفلاح في الدارين ان اطاعوا ، وينذرونهم بالخسران وسوء المغبة ان خالفوا. ((...لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) . وذلك التشريع السماوي هو مايسمى – الدين أوالملة أو الشريعة – فهو دين لانه يتعبد ويتدين به ، وهو ملة من جهة انه يملي على الناس ، وهو شريعة من حيث انه احكام مشروعة وطريقة معينة ، يرد الناس منها مواردهم .
ويضيف الشيخ الناصري ، ان الله سبحانه وتعالى قد اختار – خاتم النبيين- بعد ان بلغ الانسان من نضوج الفكر حدا لائقا ، واستعدت العقول لكامل الهداية فالشريعة الاسلامية من صنع العلي القدير الذي علم الانسان ما لم يعلم ، ولم يرد عليها تغيير فيما مضى ، ولن يصيبها شيء من ذلك مستقبلا ، اذ تأبى طبيعتها التغيير ، وقد سلكت الشريعة الاسلامية طريقة تعرضت بها لجميع افعال الانسان ماظهر منها ومابطن وانتهت بطريقتها هذه إلى تقرير حكم بكل فعل ، كما كانت بقايا الكتب السماوية ووصايا الانبياء السالفين تبشر بخروج المصلح المنتظر ، وتصف ملاحم وامارات تؤكد قرب خروج المصلح العظيم .
ويضيف الشيخ الناصري : ما ان تم لمحمد بن عبد الله من العمر أربعون عاما وهي سن نضجت فيها كافة مواهبه ، وتكاملت جميع صفاته الحميدة الموروثة والمكتسبة حتى اصبح معدا لأمر عظيم ، ومهيئا لحمل الرسالة الالهية . وكان الطرق المألوف لتبليغ الاحكام الالهية إلى الرسول الجديد هو الامين جبرائيل حين هبط عليه وهو يتعبد في غار حراء بالقرب من مكة ]اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم ...[ . عنها شمر الرسول العظيم عن ساعد الجسد للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وجهر بالامر في رحاب قريش حين اعلن للناس يدعوهم إلى الفلاح والسعادة بالاعتراف لله بالربوبية ونبذ عبادة الاصنام ، والاعترافلمحمد بالنبوة والرسالة العامة المطلقة للبشر كافة .
ويشير الشيخ الناصري إلى الاشخاص الذين ناصروا النبي محمد (ص) في بداية نزول الوحي والدعوة حيث يذكر سماحته : كان اول سمع تطرقه الدعوة الاسلامية هو سمع خديجة بنت خويلد زوجة محمد (ص) حين اسر اليها النبي بما اوحى الله اليه في غار حراء وحدثها بأمر الله أن يقرأ وان يصدع بالامر ويدعوا لعبادة الواحد القهار وكم كانت خديجة عظيمة من عظماء التاريخ حين فتحت سمعها لرسول الله (ص) وامنت به وعززته ووعدته النصر ، مشيرا إلى بذلك إلى كلامها الذي سجله التاريخ باحترام )) ابشر يا ابن العم واثبت فو الذي نفس خديجة بيده اني لارجو ان تكون نبي هذه الامة ، و والله لايخزيك الله ابدا انك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل وتقري وتعين على نوائب الحق)) . وبعدها جاء دور النصير الاول للإسلام ذاك هو علي بن ابي طالب (ع) حيث شد الله به عضد محمد لرفع راية الإسلام ، وهو اول أول من امن بالنبي (ص) من الرجال . وكم كان علي عظيما من عظماء التاريخ حين اطلع على مابعث به استاذه ومربيه فأسرع للايمان لرسالة الإسلام ونبوة محمد (ص) ولازال قوله خالدا أبد الدهر حي عرض عليه الإسلام وبدأ له ان يشاور اباه أبا طالب في التصديق بالدين الجديد والدخول فيه . ولكن علا الذي لم يسجد لصنم ، وربي في حجر محمد (ص) ، وأعد ليكون خليفة محمد ووصيه على دينه وامته م أاسرع ما استجاب للدعوة وطرد كل تردد من ذهنه بقوله الخالد : (( لقد خلقني الله من غير ان يشاور أبا طالب ، فما حاجتي أنا إلى مشاورته لأعبد الله )) .
ويضيف الشيخ الناصري ايضا : لقد نهض محمد (ص) يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ويجاداهم بالتي هي احسن ، نهض لينقذ الناس من الجهالة وحيرة الضلالة ، وعبادة الأوثان ، إلى النور والهدى وعبادة الملك الديان . نهض ليخلص البشرية من ويلاتها وشقائها الذين حولا البشرية إلى قطعان من الوحوش يفتك بعضهم البعض ، ويستغل بعضهم بعضا .