أسعد الحسيناوي /مركز التضامن للإعلام :
كتب الاستاذ نعيم عبد مهلهل، في صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك) موضوع، بعنوان ، ذكريات الرجل الحسيني، وهو ، الحاج عبد الامير النداف ، قائلا ، في الناصرية هناك أيام لاتنسى ، وأكثرها في وقائع الذكرى المؤلمة تلك التي يصبغها الحزن أو المحنة مثل رحيل عالم من علمائها او فيضان ابو جداحة او ازمة تموين او فقدان اديب معروف من ادبائها ، ومن بعض تلك الوقائع المؤلمة يوم قررت الدولة عام 1969 ترحيل العوائل العراقية من تعتقد ان لديهم تبعية ايرانية في زمن شاه أيران ، وقد شمل هذا الكثير من عوائل الناصرية العريقة واغلبهم من الندافيين ومنهم المرحوم الحاج جبوري النداف وبيتهم قرب مدرسة قرطبة ، والمرحوم الحاج رسول النداف وبيتهم في شارع بغداد وعوائل اخرى ، وكان من المفترض أن يتم تسفير عائلة المرحوم الحاج ( عبد الامير طاهر علي النداف ) إلا ان الامر الغي بسبب تدخل نائب المحافظ أنذاك لأن حاجة الدولة لخدمات ولده المهندس المرحوم قاسم عبد الامير الذي كان انذاك رئيس قسم الهندسة في ادارة المحلية تحتم بفاء المرحوم قاسم في العراق .
واعتقد ان هذا القرار خلق الحزن والوهن في جسد المرحوم الحاج عبد الامير النداف لترحيل اخوته واقاربه فلم يحس بطعم الحياة بعد ذلك فتوفي رحمه الله في شباط عام 1984.
كان المرحوم الحاج عبد الامير النداف رجلا وجيها وله حظور في مجتمع المدينة ، وكان ندافا معروفا لم يزل والى اليوم محله عامر ومميز في عهدة ولده الاصغر الحاج سالم .
ومما يميز الحاج عبد الامير النداف مجلسه الحسيني الاسبوعي في بيتهم الكبير القريب من سوق الصفافير وبيت الحاج المرحوم بدر الرياحي ، ففي كل ليلة جمعه كنت اصحب ابي في طفولتي لحضور هذا المجلس الذي يجتمع فيه اهل الناصرية وينعم الجميع بكرم وحسن ضيافة الحاج ابو قاسم ، وبقي هذا التقليد قائما حتى عندما انتقل في السكن في شارع بغداد.
امتاز المرحوم عبد الامير النداف بالطيبة والبساطة والهدوء ، وعاش كل حياته كادحا ومهتما بتعليم اولاده ، وكان عصاميا وصاحب حضور جميل وتعايش مع جيرانه في السوق واغلبهم من الندافيين ومحلات الاصباغ والادوات الاحتياطية ومحلات بيع التبغ ، حيث تعايش بطيبة ومحبة مع جميع جيرانه ومنهم الحاج هادي والحاج المرحوم جبار صالح التتنجي والحاجين المرحومين ياسين وقاسم العضاض والعطارين الحاج رشيد مجيد والحاج كاظم الكظماوي وسيد ناصر القماش وصاحب مطعم الكباب المرحوم جاسم محمد مصطفى وآخرين.
وطوال عمره الطويل من 1909 ــ 1984 عاش الحاج عبد الامير النداف بورع روحه وايمانه ان مجلسه الحسيني هو من يجلب الرزق اليه ويبقي تواصل ومحبة الناس له.
ويوم توفي الحاج عبد الامير النداف فقدت المدينة بعضا من خصائص طقوسها مع مراسيمها الحسينية التي كانت تنتشر في بيوت محلة السيف وبأسماء بيوتاتها ووفق مواعيد منتظمة في كل ليلة.
الحاج عبد الامير النداف جزء من ذاكرة مكان ، الرجل الطيب الذي احب مدينته . وعلمَ فيها ابنائه محبة الانتماء اليها ، فكان هو وجها بارزا من وجوه سوق الندافيين حتى عندما تم تسفير الكثير منهم عبر معبر زرباطية الحدودي وصودرت املاكهم وبيوتهم وعاشوا هناك ازمنة المنفى والمهجر واغلبهم سكن مناطق ومدن الاحواز ليكون قريبا من هواء العراق ومدينته ، وقد جازف المرحوم الحاج عبد الامير النداف كثيرا ليديم التواصل مع اخوته واقربائه المهجرين عبر الرسائل من خلال بلدان اخرى او عبر المهربين وكان يدفع من اجل ايصال تلك الرسائل مبالغ مكبيرة.
لروح الحاج عبد الامير النداف سكينة تلك الليالي الرائعة في مجالسه الحسينة .انه واحد من الصور التي تمتلك ضوئها المميز في تاريخ الناصرية .